منتديات رغد الشمال

منتديات رغد الشمال (http://www.rag7d.com/vb/index.php)
-   - روحآنيةة مُسلم ومِسًـلَمِة ,صَوتيآتْ إسلآمية (http://www.rag7d.com/vb/forumdisplay.php?f=11)
-   -   الصَّوْمُ جُنَّةٌ (http://www.rag7d.com/vb/showthread.php?t=21581)

غصة الوريد 05-06-2018 07:09 AM

الصَّوْمُ جُنَّةٌ
 
الصَّوْمُ جُنَّةٌ


الحمد لله ربِّ العالمين، أن بلغنا شهر رمضان، الذي فرض علينا صيامه، وأنزل فيه القرآن، أشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، خير من صلى وصام، وأخبرنا بفضل رمضان، فقال: ((إِذَا جَاءَ رَمَضَانُ فُتِّحَتْ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ، وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ النَّارِ، وَصُفِّدَتِ الشَّيَاطِينُ)).
فصلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه الأخيار، ومن تبعهم بإحسان.
أما بعد أيها المسلمون: شرع الله لنا الصيام لحكم ومقاصد عظام، ومن أجلّها أن يخرج المسلم من شهر الصيام وهو من المتقين الأبرار.
يقول الله تبارك وتعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾ [البقرة: 183].

عباد الله إن جميع العبادات لا بد أن يتحقق فيها شرطان: أن تكون خالصة لله تعالى وأن تكون وفق ما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم، والصيام من العبادات التي ينبغي أن نحرص فيها على تحقيق ذلك حتى نحصد الثمرة المرجوة منها وهي مغفرة الذنوب ورضا علام الغيوب.


عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ صَامَ رَمَضَانَ، إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ».
عباد الله: الصيام من العبادات التي يتحقق معها مصلحتنا وتربيتنا وتكون زادا لنا على طريق الهدى.

وفي هذا يقول ابن القيم رحمه الله في كتابه زاد المعاد: ((وَالْمَقْصُودُ أَنَّ مَصَالِحَ الصَّوْمِ لَمَّا كَانَتْ مَشْهُودَةً بِالْعُقُولِ السَّلِيمَةِ وَالْفِطَرِ الْمُسْتَقِيمَةِ، شَرَعَهُ اللَّهُ لِعِبَادِهِ رَحْمَةً بِهِمْ، وَإِحْسَانًا إِلَيْهِمْ وَحِمْيَةً لَهُمْ وَجُنَّةً )).
وفي قول الله تعالى: ﴿ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ تتجلى لنا الحكمة من مشروعية الصيام.

وهو كما يقول ابن القيم رحمه الله تعالى: ((فَهُوَ لِجَامُ الْمُتَّقِينَ، وَجُنَّةُ الْمُحَارِبِينَ، وَرِيَاضَةُ الْأَبْرَارِ وَالْمُقَرَّبِينَ، وَهُوَ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ مِنْ بَيْنِ سَائِرِ الْأَعْمَالِ، فَإِنَّ الصَّائِمَ لَا يَفْعَلُ شَيْئًا، وَإِنَّمَا يَتْرُكُ شَهْوَتَهُ وَطَعَامَهُ وَشَرَابَهُ مِنْ أَجْلِ مَعْبُودِهِ، فَهُوَ تَرْكُ مَحْبُوبَاتِ النَّفْسِ وَتَلَذُّذَاتِهَا إِيثَارًا لِمَحَبَّةِ اللَّهِ وَمَرْضَاتِهِ، وَهُوَ سِرٌّ بَيْنَ الْعَبْدِ وَرَبِّهِ لَا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ سِوَاهُ، وَالْعِبَادُ قَدْ يَطَّلِعُونَ مِنْهُ عَلَى تَرْكِ الْمُفْطِرَاتِ الظَّاهِرَةِ، وَأَمَّا كَوْنُهُ تَرَكَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ وَشَهْوَتَهُ مِنْ أَجْلِ مَعْبُودِهِ، فَهُوَ أَمْرٌ لَا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ بَشَرٌ، وَذَلِكَ حَقِيقَةُ الصَّوْمِ )).

يتجلى ذلك في الصيام وهو أنه قد يكون الطعام والشراب ودواعي الجماع متوفرة للعبد الصائم، وتتحرك الغريزة لديه، فيقمعها ويمنعها بسلطان التقوى ويلجمها بلجام المراقبة، ذلك أن عبادة الصيام سر بين العبد وربه لا يطلع عليها إلا الله.

فكان من ثمار هذا الترك الذي هو من أجل مولاه سبحانه وتعالى المطلع على سر الأمور وعلانيتها، أن الجزاء بغير حساب..
قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ في الحديث القدسي: ((إِلَّا الصَّوْمَ، فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ، يَدَعُ شَهْوَتَهُ وَطَعَامَهُ مِنْ أَجْلِي)).

تقوى الله - عباد الله - كما عرفها التابعي طلق بن حبيب: بقوله "التقوى أن تعمل بطاعة الله، على نور من الله، ترجو ثواب الله، وأن تجتنب معصية الله على نور من الله تخاف عقاب الله".
غاية الصيام أيها المسلمون: تقوى الله عز وجل تقوى يتمثل فيها الخوف من الجليل، والعمل بالتنزيل، والقناعة بالقليل، والاستعداد ليوم الرحيل.

خلّ الذنوب صغيرها
وكبيرها ذاك التقى

واصنع كماشٍ فوق أر
ضِ الشوك يحذر ما يرى

لا تحقرن صغيرةً
إن الجبال من الحصى


قال صلى الله عليه وسلم: ((اتَّقِ اللَّهَ حَيْثُما كُنْتَ)).
كان أمير المؤمنين عمر بن الخطاب يتجول ليلاً كعادته للاطمئنان على رعيته، فسمع صوت بائعة اللبن وهي تقول لابنتها: يا بُنيتي ضعي الماء على اللبن، فقالت الفتاة: يا أماه ألم تعلمي أن أمير المؤمنين عمر قد نهى عن خلط اللبن بالماء؟ قالت يا بنيتي إن أمير المؤمنين لا يرانا الآن، فقالت الفتاة: يا أماه إن كان عمر لا يرانا فربُّ عمر يرانا))... نعم فرب عمر يرانا.
درس عظيم في مراقبة الله عند الخلوة، حينها تتجلى معاني التقوى في نفوس أصحابها.
إِذَا مَا خَلَوْتَ الدَّهْرَ يَوْمًا فَلا تَقُلْ
خَلَوْتُ وَلَكِنْ قُلْ عَلَيَّ رَقِيْبُ

وَلَا تَحْسَبَنَّ اللهَ يَغْفَلُ سَاعَةً
وَلا أَنَّ مَا يَخْفَى عَلَيْهِ يَغِيْبُ


هكذا الصيام يربي في النفوس مراقبةَ الله في السر والعلن..
المسلم الصائم أمين في تجارته في بيعه وشرائه، صادق في أقواله وأفعاله، كريم داخل أسرته ((خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي))، حريص في تربية أولاده ((يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِنْ تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ))، نظيف وطاهر في لسانه وفؤاده، كريم وجواد في إنفاقه دون منا أو أذى، بارا بوالديه، واصلا لرحمه، متقن لجميع أعماله، ولنعلم أنه بالتقوى تتقبل الأعمال، قال تعالى: ﴿ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ ﴾ [المائدة: 27].


الحمد لله الذي جعل الصيام جُنّة، وسبباً موصلا إلى الجنة، أحمده سبحانه وتعالى واشكره، هدى إلى خير طريق وأقوم سنة، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله بعثه إلينا فضلا منه ومنة، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين. أما بعد:

عباد الله إن من مقاصد الصيام العظام تزكية النفس وتنقيتها من الشوائب والأخلاق الرذيلة، ولهذا أوصى النبي صلى الله عليه وسلم الشباب وكل من تموج بهم عاصفة الشهوة وتميل بهم غرائزهم لها، بالزواج فإن لم يقدروا عليه فإن أسلم طريق لهم من أجل كبح جماح الشهوة لديهم وكسر حدتها، الصوم، فأوصاهم بقوله صلى الله عليه وسلم: (( يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ، مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمُ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ، فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ، وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ، وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ، فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ )).

يقول ابن القيم رحمه الله: ((وَلِلصَّوْمِ تَأْثِيرٌ عَجِيبٌ فِي حِفْظِ الْجَوَارِحِ الظَّاهِرَةِ وَالْقُوَى الْبَاطِنَةِ، وَحِمْيَتِهَا عَنِ التَّخْلِيطِ الْجَالِبِ لَهَا الْمَوَادَّ الْفَاسِدَةَ الَّتِي إِذَا اسْتَوْلَتْ عَلَيْهَا أَفْسَدَتْهَا، وَاسْتِفْرَاغِ الْمَوَادِّ الرَّدِيئَةِ الْمَانِعَةِ لَهَا مِنْ صِحَّتِهَا، فَالصَّوْمُ يَحْفَظُ عَلَى الْقَلْبِ وَالْجَوَارِحِ صِحَّتَهَا، وَيُعِيدُ إِلَيْهَا مَا اسْتَلَبَتْهُ مِنْهَا أَيْدِي الشَّهَوَاتِ، فَهُوَ مِنْ أَكْبَرِ الْعَوْنِ عَلَى التَّقْوَى )).

وقال صلى الله عليه وسلم ((الصَّوْمُ جُنَّةٌ)) ومعنى جنة أي درع واقية من الإثم في الدنيا ومن النار في الآخرة.
والصوم الكامل هومن يمتنع صاحبه عن الأكل والشرب والجماع وكذلك سائر المعاصي والآثام، فيمتنع عن سماع ما حرم الله ويمتنع عن الكلام الساقط والعبارات الرذيلة والغيبة والنميمة ويمتنع عن النظر إلى ما حرم الله.


عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ وَالعَمَلَ بِهِ وَالجَهْلَ، فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ».

عباد الله تأملوا خطورة الاعتداء على أعراض المسلمين وخسارة من يقع في ذلك مع ما يمتلك من حسنات، فلنحذر كل الحذر قبل فوات الأوان والندم.

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "أتَدْرُونَ مَنِ الْمُفْلِسُ؟". قَالُوا: الْمُفْلِسُ فِينَا يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَنْ لَا دِرْهَمَ لَهُ، وَلَا مَتَاعَ، قَالَ: "الْمُفْلِسُ مِنْ أُمَّتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَنْ يَأْتِي بِصَلَاةٍ، وَصِيَامٍ وَزَكَاةٍ، وَيَأْتِي قَدْ شَتَمَ عِرْضَ هَذَا، وَقَذَفَ هَذَا، وَأَكَلَ مَالَ هَذَا، وَضَرَبَ هَذَا، فَيُقْعَدُ فَيَقْتَصُّ هَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ، وَهَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ، فَإِنْ فَنِيَتْ حَسَنَاتُهُ، قَبْلَ أَنْ يُقْضَى مَا عَلَيْهِ، أُخِذَ مِنْ خَطَايَاهُمْ، فَطُرِحَ عَلَيْهِ، ثُمَّ طُرِحَ فِي النَّارِ".
هذا وصلوا على من أمركم الله بالصلاة والسلام عليه، فقال جل وعلا: ﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ [الأحزاب: 56].

الغارس 10-06-2018 11:57 AM

رد: الصَّوْمُ جُنَّةٌ
 
الاستاذة جنون انثى كل التقدير

على الانتقاء الرائع للمواضيع
و المشاركات المتواصلة دمتم بالف خير


الساعة الآن 03:24 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
هذا الموقع يتسخدم منتجات Weblanca.com
HêĽм √ 3.1 BY: ! ωαнαм ! © 2010

a.d - i.s.s.w

اختصار الروابط