منتديات رغد الشمال

منتديات رغد الشمال (http://www.rag7d.com/vb/index.php)
-   قطآف عآمه / مآذآ : يُحكَى سلَفآ ‘ (http://www.rag7d.com/vb/forumdisplay.php?f=169)
-   -   فراشة خلف نافذتي (http://www.rag7d.com/vb/showthread.php?t=22798)

غصة الوريد 07-10-2018 03:21 PM

فراشة خلف نافذتي
 
استيقظ الصبح باكرًا, في مدينةٍ نائِمَة, كَانَت سماح فيها قد تسابقت مع الزمن كي تطفئ قناديل الليل قبل أن يبدأ الفجر بدعوة الشمس لتشرق فوق حقل أخضر خلف نافذة غرفتها الصغيرة المزينة المزركشة بكل أنواع الزهور البرية وفراشات الحقل الغجرية, التي ترقص كل يوم رقصة الحياة اليوميَّة, بقيت سماحُ تنظر من وراءِ الزُّجَاج إلى الحقلِ تنتظر الشَّمس فهي على موعدٍ معها, وتنتظر تلك الخيوط البرتقاليَّة والأرجوانية الألوان كي تبادلها التحيَّة.




انتظرت باسمة مشرقة متألِّقة, وبدَأَت ترسمُ بعيونِها لوحة تحاول أنْ تكون مختلفة عن يومِها السَّابق, نظرت يمينًا ويسارًا, لم تلمح أيّ نوع من الطّيور, وحتّى العصافير ما زالت تنتظر الشمس مثلها, وفجأة لاحَ لها شيء وراء تلك الأزهار,كانت مثل راقصة لم يأذن لها بترجمة فكرة تدور في مخيلتها لتعبّر عنها بجسدها الملفوف المتناسق الرائع, رأتها ساكنة تعبِّر بصمتها عن مئات الكلمات التي توحي لسامعها بأنّ وراءها آلاف القصص, ما زالت سماح تراقب المشهد, الحقل الرائع, الشمس وراء الأفق, غيوم بيضاء تودّع السماء, وخيوط شمس بدأت السّلام على الفجر تتقدم إلى الفضاء الرحب بسيمفونية حياة من نوعٍ خاص, تنهَّدت سماحُ وأشرقَ وجهها تمامًا مثل الشمس, فقد بدأ النور يتسلّق أغصانَ الأشجار, ويداعب الأزهار, ويفتح النوافذ وستائر أسدلت عن يوم مضى.

هي لحظات فقط, بدأت الفراشة ترقص, بألوان قوسِ قزح تلوّن الحياة تبعث في نفس ناظرها السّعادة, تعانقت الفراشة مع نباتات الحقل وبدأت ترفرف بجناحيها الملونتين, تشكّل لحن حياةٍ من نوعٍ خاص, حاورَتها سماح قائلة: "يا فراشة الحقل ألستُ مثل هذه الحقول والنباتات ؟, تعالي عانقيني وسلّمي عليّ, اقتربي منّي أنا هنا,وكأنّ الفراشة قد سمعت كلامها, اقتربت إلى النافذة المغلقة, الملونة بالبلور الأخضر الذي عكس صورة لبعض الأزهار وأوراق السنديان, التي كانت تنام متوسّدة الزجاج كي تجد شيء من قطرات النّدى ترطّبها من خيوط الشمس التي اخترقت أوراقها, اقتربت الفراشة أكثر,فَرِحَت سماح, بدأت ترقص مثلها وكأنّهما في حلبة رقص ورديّة من تصاميم الطبيعة البديعة ترسمان معًا لوحات أسطوريّة يعجب بها الناظر, رقصت سماح ورقصت الفراشة معها, رفرفت بذراعيها كالفراش والفراشة كذلك, كانت مبدعة,الفرق بينهما أنّ سماح من وراء الزجاج ترقص والفراشة حرة طليقة ليس هناك من يستوقفها عن رقصها اليومي.



بدأت الفراشة تنتقل من زهرةٍ إلى زهرة, ومن غصنِ شجرة إلى آخر, وسماح تتجول وتحلّق, شرعت ستائر غرفتها كي تبدو أنها في داخل الحدث في حقل الزهور,وما بين الرّقص والفرح واختراق أشعة الشمس للنافذة اختفت الفراشة, وبقيت سماح لوحدها, وفجأة توقفت عن الرقص ونادت بأعلى صوتها: "فراشتي أين أنت تعالي نكمل الرقص", وكرّرت النداء: "فراشتي, حلوتي,جميلتي, أين أنت ؟", لكنها لم ترَ شيئًا.
عادت تستطلع عن كثب, ففتحت النافذة ونظرت أسفل الحقل, وقد سمعت قهقهة أطفالٍ عابثين يتحاورون, سمعتهم يتبادلون حديثًا يدور حول حكايات عن فراشات الحقل, قال أحدهم: "انظر لهذه الفراشة, كم هي جميلة !, جناحاها الملونان بشيءٍ عجيبٍ من خيوطِ الشّمس وأزهار الحقل, انظر إليها إنّها تقترب من فوهة القارورة تريد الخروج", وأكمل يخاطبها: "لن أطلق حريّتك لقد تعبتُ حتى وصلت إليك, لقد أرهقتِني وأنتِ تهرُبين منّي, من زهرة لزهرة, حتى أنّي وقعتُ أكثرَ من مرّة وأنا أحاول اصطيادك".
صرخت سماحُ من خلفِ الزُّجاج: "أطلقها يا ولد, إنها فراشتي راقصتي", لم يكن صوت سماح قد وصل ذلك الولد الشقيّ صائد الفراش, الذي أحكم إغلاق القارورة الزجاجية بعدما مُلئت بفراشات من كل الأشكال والألوان, وغاب وراء الشجر,وفراشة سماح توقفت عن التحليق والرقص وحتى الدوران, وبقيت صامتة ساكنة وكأنها تقيمُ طقوسًا من نوعٍ خاص, طقوس وداعٍ لحقل الفرح ولحلبة الرقص خلف نافذتها.
صمتت صديقتنا سماح, وفي داخلها بركان غضبٍ وصمت وسكون غريبين سيطرا على غرفتها, وكأنّ الطبيعة كلّها حزينة معها لفراق فراشة داعبتها من خلف نافذتها,ثم غابت عنها عنوّة مسلوبة الإرادة مختنقة لا تتنفس الحرية ولا ترى شمس البرية.

مُزُنْ 09-10-2018 09:08 AM

رد: فراشة خلف نافذتي
 
تسلم يمينك ..وَ بإنتظآر جديدك ..لاهنت


الساعة الآن 05:17 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
هذا الموقع يتسخدم منتجات Weblanca.com
HêĽм √ 3.1 BY: ! ωαнαм ! © 2010

a.d - i.s.s.w

اختصار الروابط