منتديات رغد الشمال

منتديات رغد الشمال (http://www.rag7d.com/vb/index.php)
-   - روحآنيةة مُسلم ومِسًـلَمِة ,صَوتيآتْ إسلآمية (http://www.rag7d.com/vb/forumdisplay.php?f=11)
-   -   استفت قلبك! (http://www.rag7d.com/vb/showthread.php?t=21753)

الغارس 20-06-2018 10:06 AM

استفت قلبك!
 
استفت قلبك!


روى الإمام أحمد عن وابصة بن معبد - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال له: (جِئْتَ تَسْأَلُنِي عَنْ الْبِرِّ وَالْإِثْمِ. فَقَالَ نَعَمْ. فَجَمَعَ أَنَامِلَهُ فَجَعَلَ يَنْكُتُ بِهِنَّ فِي صَدْرِي وَيَقُولُ يَا وَابِصَةُ اسْتَفْتِ قَلْبَكَ وَاسْتَفْتِ نَفْسَكَ، ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، الْبِرُّ مَا اطْمَأَنَّتْ إِلَيْهِ النَّفْسُ وَالْإِثْمُ مَا حَاكَ فِي النَّفْسِ وَتَرَدَّدَ فِي الصَّدْرِ وَإِنْ أَفْتَاكَ النَّاسُ وَأَفْتَوْكَ).

إنه حديث نبوي شريف أساء فهمه الكثير من الناس، وجعلوه مطية لهم في تحليل ما حرَّم الله أو تحريم ما أحل الله إرضاءً لرغباتهم واتباعًا لأهوائهم.
يرتكبون المحرمات ثم يقولون: (استفت قلبك)! يردون أحكام الشرع ويقولون: (استفت قلبك)! فهل هذا هو المراد من الحديث؟

لو تتبعنا ما قاله العلماء حول الحديث لعلمنا أن المراد منه عكس ما يستشهد به أمثال هؤلاء، فليس المراد أن يُحلَّ ما يراه غيره حرامًا إذا ما وقع في قلبه أنه حلال، وإنما المراد من الحديث : أن المؤمن صاحب القلب السليم قد يستفتي أحداً في شيء فيفتيه بأنه حلال؛ فإذا كان حلالاً وكان مما يُرضي الله - تبارك وتعالى - فإن النفس المؤمنة تطمئن إلى هذا الحكم، وأما إذا كان فيه حرامٌ أو شبهة، فهذا يقع في النفس منه عدم طمأنينة وحرج من فعله، فهنا عليه أن يتركه عملاً بما دله عليه قلبه؛ كما في الحديث الآخر الذي صححه الألباني – رحمه الله تعالى - : "البِرُّ هو ما اطمأن إليه القلبُ، وسَكَنَتْ إليه النفْسُ، والإثم ما حاكَ في نفْسِك، وكرهتَ أن يطَّلع عليه الناس".

وعن أبي ثعلبة الخشني - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (الْبِرُّ مَا سَكَنَتْ إِلَيْهِ النَّفْسُ وَاطْمَأَنَّ إِلَيْهِ الْقَلْبُ، وَالْإِثْمُ مَا لَمْ تَسْكُنْ إِلَيْهِ النَّفْسُ وَلَمْ يَطْمَئِنَّ إِلَيْهِ الْقَلْبُ، وَإِنْ أَفْتَاكَ الْمُفْتُونَ) رواه أحمد.

يقول الشيخ محمد صالح المنجد: متى نطبق هذا الحديث؟ استفت نفسك، أو استفت قلبك وإن أفتاك المفتون، نطبقه عندما يشعر المستفتي أن الجواب ناقص، عندما يشعر المستفتي أن المفتي لم يفهم السؤال، عندما يعلم المستفتي أنه أخفى معلومات، عندما لا تطمئن نفسه للفتوى، لا لأجل أنها شديدة، أو لا توافق هواه، ولكن لاعتبار صحيح، فعند ذلك لا تبرأ ذمته با الفتوى، ويجب عليه أن يستفتي مرة أخرى، ولا تخلصه فتوى المفتي من الله. اهـ.

فليس معنى الحديث أن مسائل الحلال والحرام تأخذ بفتوى النفوس، ولا أن يترك الإنسان لقلبه العنان، يختار من الأحكام ما يحبه وتميل إليه نفسه، ويترك ما يخالف هواه ويشق عليه فعله، فهذا يؤدي إلى ضلال مبين.

قال ابن القيم رحمه الله: "لا يجوز العمل بمجرد فتوى المفتي إذا لم تطمئن نفسه، وحاك في صدره من قبوله، وتردد فيها؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: (استفت نفسك وإن أفتاك الناس وأفتوك).

فيجب عليه أن يستفتي نفسه أولًا، ولا تخلصه فتوى المفتي من الله إذا كان يعلم أن الأمر في الباطن بخلاف ما أفتاه، كما لا ينفعه قضاء القاضي له بذلك، كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : (من قضيت له بشيء من حق أخيه فلا يأخذه، فإنما أقطع له قطعة من نار).

وقال المناوي: استفت نفسك المطمئنة الموهوبة نورًا يفرق بين الحق والباطل، والصدق والكذب.
وقال القرطبي: لكن هذا إنما يصح ممن نور الله قلبه بالعلم، وزين جوارحه بالورع، بحيث يجد للشبهة أثرًا في قلبه، كما يحكى عن كثير من سلف هذه الأمة. اهـ.

فإذا رجعنا لعقولنا في كل مسألة وتركنا نصوص الشرع، فسوف نستغني عن النصوص ولن يكون للعلماء دور، وهذا لا يَقول به عاقل!
كما أن استفتاء القلب إنما هو مقيد بالمسائل ‏الاجتهادية التي يسوغ فيها الخلاف ‏بين العلماء، وأما ما جاء فيه النص ‏الصريح من الكتاب أو السنة أو ‏الإجماع، فليس للمؤمن إلا طاعة الله - سبحانه و‏تعالى - وطاعة رسوله - صلى ‏الله عليه وسلم - ولا محل لاستفتاء ‏القلب فيه.

لقد أمَر الله بِسؤال أهل العِلْم، ولم يَرُدّ الناس إلى ما في صُدورهم، ولو كانت الأحكام ترجع إلى اطمئنان النفس فيوجد من العُصاة والفُجَّار من تطمئن نفوسهم إلى معاصيهم، وذلك إذا ألِفُوها وطُمِس على قلوبهم، فهل اطمئنان أنفسهم للمعصية يجعلها حلالاً؟

ولذلك نص العلماء في شرح مثل هذا الحديث أنه لا عِبرة بأحوال الْجُهَّال.

قال الإمام ابن رجب الحنبلي - رحمه الله - في شرح حديث " استفت قلبك ":
وهذا إنما يكون إذا كان صاحبه ممن شرح صدره للإيمان، وكان الْمُفْتِي يُفْتِي له بِمُجَرَّد ظَن أو مَيل إلى هوى مِن غير دليل شرعي، فأما ما كان مع الْمُفْتِي به دَليل شرعي فالواجب على الْمُستَفْتِى الرجوع إليه وإن لم ينشرح له صدره، وهذا كالرخصة الشرعية، مثل الفِطر في السفر والمرض، وقصر الصلاة في السفر ونحو ذلك مما لا يَنْشَرِح به صُدور كثير مِن الْجُهَّال فهذا لا ِعبرة به.

وقد كان النبي - صلى الله عليه وسلم - أحيانا يأمُر أصحابه بما لا تَنشرح به صُدور بعضهم.
وفي الجملة فما وَرد النص به فليس للمؤمن إلاَّ طاعة الله ورسوله، كما قال تعالى: ﴿وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ﴾، وينبغي أن يُتَلَقّى ذلك بانشراح الصدر والرضا ، فإن ما شَرَعه الله ورسوله يجب الإيمان والرضا به والتسليم له ، كما قال تعالى : ﴿فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾. اهـ.


وفي هذا قال الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله الإثم ما حاك في نفسك) أي: تردد وصرت منه في قلق (وكرهت أن يطلع عليه الناس) لأنه محل ذم وعيب، فتجدك متردداً فيه وتكره أن يطلع عليك الناس.

وهذه الجملة إنما هي لمن كان قلبه صافياً سليماً، فهذا هو الذي يحوك في نفسه ما كان إثماً، ويكره أن يطلع عليه الناس.
أما المُتَمَرِّدون الخارجون عن طاعة الله الذين قست قلوبهم فهؤلاء لا يبالون، بل ربما يتبجحون بفعل المنكر والإثم، فالكلام هنا ليس عاماً لكل أحد، بل هو خاص لمن كان قلبه سليماً طاهراً نقياً، فإنه إذا هَمَّ بإثم وإن لم يعلم أنه إثم من قبل الشرع تجده متردداً يكره أن يطلع الناس عليه، فهذا علامة على الإثم في قلب المؤمن" اهـ.



غصة الوريد 01-07-2018 01:14 PM

رد: استفت قلبك!
 
جزاك الله خيرا على الطرح القيم والنافع
وجعله المولى بميزان حسناتك

الغارس 18-08-2018 08:54 AM

رد: استفت قلبك!
 
اشكر كل الاخوات على الحضور و المرور على موضوعي

пαнεɔ 22-08-2018 10:06 AM

رد: استفت قلبك!
 
جزاك المولى خير الجزاء ووفقنا الله للعلم النافع

مُزُنْ 25-08-2018 12:09 PM

رد: استفت قلبك!
 
لا حرمك الله الأجر ,اسأل الله لك التوفيق والسداد ,دمت بخير

الغارس 26-08-2018 05:43 PM

رد: استفت قلبك!
 
جزاكم الله خير الجزاء على المرور على موضوعي
وجعله الله في ميزان حسناتكم واتمنى الاستفادة لكم
استاذة : ناهد



الساعة الآن 08:05 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
هذا الموقع يتسخدم منتجات Weblanca.com
HêĽм √ 3.1 BY: ! ωαнαм ! © 2010

a.d - i.s.s.w

اختصار الروابط