عرض مشاركة واحدة
قديم 25-10-2018, 12:48 PM   #1
الغارس
~¦ رغد مميز ¦~


الصورة الرمزية الغارس
الغارس غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 2180
 تاريخ التسجيل :  May 2018
 أخر زيارة : 01-02-2024 (03:21 PM)
 المشاركات : 6,884 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي كيف اصبحت اللغة العربية لغة اهل العلم؟‏



كيف اصبحت اللغة العربية لغة اهل العلم؟‏

سادت اللغة العربية طوال قرون بين العلماء والمثقفين.‏ فمنذ القرن الثامن بعد الميلاد،‏ اخذ علماء يتكلَّمون بالعربية من مختلف مدن الشرق الاوسط يترجمون ويصححون مؤلَّفات علمية وفلسفية ترجع حتى ايام بطليموس وأرسطو.‏ وهكذا،‏ حفظوا وأغنوا آثار المفكرين القدامى.‏

بوتقة فكرية وثقافية

شهد القرنان السابع والثامن من عصرنا الميلادي ظهور دولتين جديدتين في الشرق الاوسط:‏ الدولة الاموية ثم العباسية.‏ وقد بسطت هاتان الدولتان سلطتهما على مناطق تأثرت بالحضارتين اليونانية والهندية مثل شبه الجزيرة العربية،‏ آسيا الصغرى،‏ مصر،‏ فلسطين،‏ بلاد فارس،‏ والعراق.‏ لذلك وصل الى يد هؤلاء الحكام الجدد تراث عظيم من العلم والمعرفة.‏ ولمَّا بنى العباسيون عاصمتهم الجديدة بغداد،‏ اصبحت هذه المدينة بوتقة انصهرت فيها ثقافات عريقة.‏ فهناك احتك العرب بالارمن والبربر والاقباط واليونان والهنود واليهود والفرس والاتراك والصينيين والصغد من بلاد ما وراء نهر جيحون (‏اليوم نهر أموداريا في آسيا الوسطى)‏.‏ فتبحَّروا جميعا في العلوم ودخلوا في مناظرات،‏ مما ادى الى تفاعل هذه الثقافات المختلفة.‏

وشجع الحكام العباسيون في بغداد المفكرين الموهوبين من مختلف الاماكن ان يساهموا في التقدم الفكري والثقافي في الامبراطورية.‏ فبُذلت جهود منظَّمة لجمع وتعريب الآلاف والآلاف من الكتب في شتى الميادين مثل الخيمياء،‏ علمَي الحساب والهندسة،‏ الطب،‏ الموسيقى،‏ الفلسفة،‏ والفيزياء.‏

مثلا،‏ أوفد الخليفة المنصور،‏ الذي حكم بين سنتي ٧٥٤ و ٧٧٥ ب‌م،‏ رسلا الى البلاط البيزنطي طالبا كتبا في علم الرياضيات باللغة اليونانية.‏ كما حذا حذوه الخليفة المأمون (‏٨١٣–‏٨٣٣ ب‌م)‏ وأعطى حركة الترجمة من اليونانية الى العربية زخما وقوة.‏ وقد دامت هذه الحركة اكثر من قرنين.‏ وهكذا بحلول نهاية القرن العاشر،‏ نُقلت الى اللغة العربية الاغلبيةُ الساحقة من الآثار الفلسفية والعلمية اليونانية المتوفرة آنذاك.‏ لكن مآثر العلماء العرب لم تقتصر على الترجمة فحسب بل شملت ايضا الوضع والابتكار.‏

اسهامات العرب

عمل العديد من المترجمين العرب بدقة وسرعة مذهلة.‏ لذلك يستنتج بعض المؤرخين انهم كانوا ملمّين حتما بالحقول التي تناولتها ترجماتهم.‏ علاوة على ذلك،‏ اتخذ عدد من العلماء العرب النصوص المترجمة نقطة انطلاق لأبحاثهم الخاصة.‏

على سبيل المثال،‏ احرز المترجم والطبيب المسيحي السرياني حنين بن إسحاق (‏٨٠٨–‏٨٧٣ ب‌م)‏ تقدُّما كبيرا في فهم البصر.‏ وقد اعتُمدت كتاباته التي شملت رسوما تشريحية دقيقة للعين مرجعا في طب العيون في اوروبا والعالم العربي على حد سواء.‏ كما وضع الفيلسوف والطبيب ابن سينا (‏٩٨٠–‏١٠٣٧ ب‌م)‏ عشرات الكتب في شتى الحقول،‏ من علم الاخلاق والمنطق الى الطب وعلم ما وراء الطبيعة.‏ واستند في مؤلَّفه الفريد القانون في الطب على المصادر الطبية المتوفرة في ذلك العصر،‏ بما فيها اعمال المفكرَين اليونانيين المشهورين جالينوس وأرسطو.‏ وظل كتاب القانون المرجع الاساسي في دراسة الطب طوال ٤٠٠ عام تقريبا.‏

فضلا عن ذلك،‏ اعتمد الباحثون العرب على البحث العلمي التجريبي الذي يُعتبَر قوام التقدم العلمي.‏ وهكذا تمكنوا من اعادة حساب محيط الارض وتصحيح المعلومات الجغرافية في اعمال بطليموس.‏ حتى انهم «تجرأوا على التدقيق في اعمال ارسطو نفسه»،‏ حسبما يقول المؤرخ پول لونديه.‏

وقد انعكس هذا التقدم العلمي على حقول تطبيقية مثل بناء النواعير والخزانات وقنوات المياه.‏ ولا يزال بعض هذه المنشآت قائما الى يومنا هذا.‏ كما ان الكتابات الجديدة في علم الزراعة وعلم النبات مكَّنت المزارعين من اختيار افضل المزروعات لكل منطقة،‏ مما زاد من انتاجية الارض.‏

وفي عام ٨٠٥ ب‌م،‏ أنشأ الخليفة هارون الرشيد مستشفى هو الاول في امبراطوريته المترامية الاطراف.‏ وسرعان ما انتشرت المستشفيات في كل المدن الرئيسية.‏

منائر العلم والثقافة

اشتهرت مدن عربية عديدة بالمكتبات والمراكز العلمية والثقافية المختصة.‏ ففي بغداد مثلا،‏ أسس الخليفة المأمون مركزا للبحوث والترجمة دُعي «بيت الحكمة».‏ وكان بين العاملين فيه علماء يتقاضون رواتب ثابتة.‏ ويقال ان اهم مكتبة في القاهرة ضمت اكثر من مليون مجلد.‏ وفي الفترة نفسها،‏ وصل عدد المكتبات في قرطبة،‏ عاصمة دولة الامويين بإسبانيا،‏ الى ٧٠ مكتبة.‏ واستقطبت العلماء والطلاب من جميع انحاء العالم العربي.‏ فظلت هذه المدينة مركزا ثقافيا رائدا طوال اكثر من قرنين.‏

وشهدت بلاد فارس تفاعلا في علم الرياضيات بين الفكر اليوناني والهندي.‏ فالعلماء الهنود كانوا قد طوروا نظاما يستخدم الصفر والترميز الموضعي.‏ وفي هذا النظام،‏ يكتسب كل رقم قيمة مختلفة بحسب مرتبته وطريقة استخدام الصفر.‏ لذلك يمكن ان يعني الرقم «١» مثلا ١ او ١٠ او ١٠٠ وهلم جرا.‏ وهذا النظام «لم يسهِّل العمليات الحسابية على انواعها فحسب،‏ بل فتح الطريق الى تطوير علم الجبر»،‏ كما يذكر پول لونديه.‏ كما ان العلماء العرب خطوا خطوات واسعة في مجال الملاحة وعلمَي الهندسة والمثلثات.‏

ان العصر الذهبي الذي بلغه العرب في مجالَي العلوم والرياضيات يتباين مع الجمود الفكري الذي عاشته سائر الاقطار.‏ صحيح ان جهودا مماثلة بُذلت في اوروبا في القرون الوسطى،‏ وخاصة في الاديرة،‏ لحفظ مؤلَّفات المفكرين القدامى،‏ الا ان النتاج الاوروبي لم يضاهِ النتاج العربي.‏ لكن لم يمضِ وقت طويل حتى هبت رياح التغيير.‏ ففي القرن العاشر،‏ بدأت ترجمات لمؤلَّفات باللغة العربية تتسرب الى الغرب.‏ ومع الوقت،‏ تدفقت هذه المؤلَّفات ممهِّدة السبيل للنهضة العلمية الاوروبية.‏

حين نرجع بالتاريخ الى الوراء،‏ نرى ان التقدم الذي بلغناه اليوم في العلوم والحقول الاخرى ليس ثمرة جهود امة او شعب واحد.‏ فالحضارات الاكثر تطورا تدين بالكثير لسابقاتها التي شجعت البحث العلمي ودققت في الثوابت العلمية ودعمت العقول الخصبة.‏




;dt hwfpj hggym hguvfdm gym hig hgugl?‏ hgugl?‏ hguvfdm



 


رد مع اقتباس