عرض مشاركة واحدة
قديم 08-11-2018, 04:15 PM   #1
الغارس
~¦ رغد مميز ¦~


الصورة الرمزية الغارس
الغارس غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 2180
 تاريخ التسجيل :  May 2018
 أخر زيارة : 01-02-2024 (03:21 PM)
 المشاركات : 6,884 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي الكافر الصالح والمؤمن الظالم



الكافر الصالح والمؤمن الظالم




(١)كنتُ وهو نتحدث عن أحد الكفار ممن أمضى وقتاً طويلاً من حياته في خدمة مجتمعه والعطف على الناس وفعل الخير، فقال لي: كيف يدخل مثل هذا النار بينما المسلم الفاسق السارق الظالم الذي يمارس الشرور يدخل الجنة؟

أليس من العدل أن يكون هذا الكافر رغم كفره في الجنة جزاء ما قدمه للناس؟ وأن يكون المسلم الذي ظلم وبغى واعتدى في النار جزاء ما فعله بحق البشر؟

قلتُ له:

هل ترى هذه الجامعة التي ندرس فيها أنا وأنت؟

قال: نعم.

قلت: لقد وضعت هذه الجامعة شروطاً للدخول إليها، ومن هذه الشروط على سبيل المثال شرط اتقان اللغة الإنجليزية، أليس كذلك؟

بلى.

دعنا نفترض التالي:

تقدم لهذه الجامعة اثنان من الطلاب، أحدهما أمضى عامه في تحقيق تلك الشروط حتى استوفاها، بينما الآخر لم يلتفت لتحصيل تلك الشروط بل بدلاً من ذلك أمضى عامه في بعض الأعمال الخيرية كزيارات دور المسنين واللطف بهم والعطف عليهم ومساعدة المحتاجين، وعند موعد إعلان المقبولين، حصل الأول على القبول وأرسلت الجامعة اعتذارها للآخر عن القبول لأنه لم يُحقق الشروط المطلوبة منه.

هل ترى في تصرف الجامعة شيئاً غير منطقي؟ هل هو ظلم؟

كلا.

ماذا لو ذهب الرجل الباذل إلى الجامعة مطالباً إياها بالقبول بحجة إمضائه الأوقات الطويلة في نفع الآخرين! هل ترى مطالبته مُقنعة؟

لا أظنك ولا أظن عاقلاً يقول بهذا!

(٢)نادى الأب على أبنائه الثلاثة وقال لهم:

غداً سيقوم كل واحد منكم بترتيب غرفته في وقت لا يتجاوز أذان المغرب، ومن يُنفذ هذا الأمر فسيحصل على هدية ومن لا يفعل فسوف يُعاقب.

قرر الابن الأول أن يُنفذ المطلوب فأمضى وقتاً في الترتيب وأمضى باقي الوقت فيما يشتهي.

وقرر الثاني أن ينفذ المطلوب ثم زاد على ذلك ببعض الأمور الأخرى

أما الثالث فلم يقتنع بطلب والده ولم يُنفذ المطلوب ولكنه أمضى كل يومه في توزيع المياه على المارة الظمآنين مع ابتسامة على فمه.

وبعد صلاة المغرب حضر الأب فأعطى الأول هديته، ثم أعطى الثاني هديته الموعودة وأضاف إليها هدية أخرى نظير ما قام به فوق شرط الحصول على الهدية، وأما الثالث فقد كان جزاؤه الحرمان من الهدية ومعاقبته لعدم القيام بالمطلوب.



هل يحق للثالث الاعتراض على فعل والده لأنه فعل ما هو أكثر مما طُلب منه؟ وهو خدمة الناس والوقوف في الشمس طيلة النهار وتوزيع الماء على المارة وإسعادهم!

كلا: إن الشرط واضح. هناك أمر ممن يحق له إصدار الأوامر ومن ينفذ هذا الأمر سيحصل على جائزة ومن لا يفعل فسيعاقب.

وماذا عن قضاء الساعات الطوال في مساعدة الاخرين وإروائهم ووضع البسمة على أفواههم؟ أين هديتي جزاء ذلك؟

فلتطلب هديتك ممن رسمت البسمة على شفتيه ورويته من ظمأ وليس من والدك الذي لم تتقيد بأمره!



(٣)إن الله سبحانه خلق الخلق، وأرسل الرسل إلى خلقه، ثم أمر الخلق باتباع هؤلاء الرسل والتصديق برسالاتهم، وخلق جنة وناراً، وأخذ على نفسه عهداً أن يجعل الجنة جزاءً للمطيع، والنار مأوى للعاصي والخارج عن أمر ربه.

وجعل هناك أركاناً أساسية يدخل بها المخلوق الجنة إن فعلها أو النار إن رفضها، وهناك أشياء أخرى إضافية وغير أساسية رغم أهميتها يتنعم صاحبها أكثر إن فعلها مع الأركان الأساسية، وإن هو فعل الأساسية ولم يفعل الإضافية فهو مُستحقٌ للعقاب الجزئي وربما تدركه رحمة الله فيعفو عنه، ومن يرفض تلك الأركان التي هي شرط دخول الجنة فهو لن يدخل الجنة لأنه لم يأت بشرطها، حتى وإن فعل المئات من الأمور الإضافية. ومن فعل هذه الأمور الإضافية الحسنة ورفض تنفيذ الشرط الإلهي لدخول الجنة فليس من حقه عند العقلاء أن يعتقد بأنه مظلوم بل هو الظالم لنفسه لعدم تحقيقه للشرط المطلوب، والأمثلة أعلاه أمثلة تقريبية ليتضح الأمر، ولك أن تتخيل أحدهم يطيل الصلاة ويؤديها أتم ما يكون ولكنه لا يتطهر للصلاة وآخر تطهر للصلاة وأداها كأتم ما يكون وثالث تطهر للصلاة وأداها مع بعض التفريط الذي لا يبطلها فماذا سيكون الجزاء؟

الأول لن تقبل صلاته ولو أتم أركانها وواجباتها كأحسن ما يكون لأنه لم يأت بشرط القبول وهو الطهارة، والثاني والثالث ستقبل صلاتهما لأنهما أتيا بشرطها، ثم يتفاوت الجزاء بحسب الأداء بينهما، أما الأول فإن مطالباته بالجزاء على عمل لم يأت بشروطه التي اشترطها رب العمل فليس له أن يعترض!

وبعد فإن الحديث في البديهيات وما أجمعت عليه العقول ثقيلٌ على النفس، ولكن ما نراه من اعتراضات وشبهات حول أمور واضحات كالنجوم النيرات؛ أوجب علينا أن نتقحم هذه الأمور وأن نوضحها ونبينها رغم وضوحها! وقد يخفي القمر عن عين من سار برجليه في أرض الغبار فأنكر وجوده، إلا أنه يتلألأ نوراً على الحقيقة، وإنما أخفى نوره الساطع ما على عيني المُنكِر من حُجُب.




hg;htv hgwhgp ,hglclk hg/hgl hguhgl hg;htv



 


رد مع اقتباس