هكذا هزمو اليأس( 4 )
أيتام غيروا مجرى التاريخ..
( 1 من 4 )
في هذه السلسلة (أيتام غيروا مجرى التاريخ) سأسرد لكم قصص لعظماء ولكنهم مختلفين قليلا ..
عظماء تخطوا العقبات المضنية ليصلوا لعظمتهم ( كعادة العظماء)
ولكن هؤلاء كانت أكبر عقبة بالنسبة لهم هي: اليـــتم..
نعم ، اليتم الذي يحرم الإنسان من حنين الأب ورحمة العائل، وقد رأيت أن يطلع الأيتام وغيرهم على تجارب هؤلاء تأسيا بهم واقتداء بتجاربهم ، إلا أنهم بالاقتداء بالرسول – صلى الله عليه وسلم - أولى ، وباطلاعهم على سيرته أحق وأحرى ، فهو صلى الله عليه وسلم يكفي الأيتام وباقي الأنام قدوة...ولهم بعد ذلك أن يطلعوا على قصص العظماء التي سأسردها حتى تتشبع نفوسهم وترتوي...
العظيم اليتيم الأول:
الإمام البخاري (194 هـ- 256 هـ)
هو الإمام الكبير ، العًلًم ، أمير المؤمنين في الحديث ، أبو عبد الله محمد بن اسماعيل بن ابراهيم البخاري ، يعد كتابه المعروف بـ( صحيح البخاري ) المرجع الثاني للمسلمين بعد كتاب الله ، ولد في يوم الجمعة في مدينة بخارى (الواقعة حاليا ضمن جمهورية أوزبكستان )، كان أبوه عالما متحدثا عُرف بين الناس بحسن الخلق ، وكانت أمه امرأة صالحة ، ويروى أن الإمام البخاري قد عمي في صغره ، فرأت أمه رؤيا جاءها فيها الخليل ابراهيم عليه السلام وقال لها :
يا هذه ، قد رد الله على ابنك بصره لكثرة بكائك ...
فأصبحت وقد شفي ولدها !
نشأ البخاري يتيماً ، فقد توفي أبوه مبكراً ، لكن أمه تعهدته بالرعاية والتعليم ، فشب مستقيم النفس ، عفّ اللسان، كريم الخلق..
وفي هذه السن المبكرة مالت نفسه إلى الحديث ووجد حلاوته في قلبه ، حتى كان يقول عن هذه الحقبة: " ألهمت حفظ الحديث وأنا في المكتب (الّكُتّاب) ولي عشر سنوات أو أقل "..
وكان للبخاري رحمه الله أكثر من ألف شيخ التقى بهم في البلدان والأمصار التي رحل إليها ومنهم:
الإمام أحمد بن حنبل ، حماد بن شاكر ، ومكي بن ابراهيم ، وغيرهم ...
واشتهر الإمام البخاري بقوة حفظه ودقته في الرواية وصبره على جمع الحديث ، وقد شهد له الأئمة بالحفظ والإتقان والعلم والزهد والعبادة ..
قال عنه الإمام أحمد رحمه الله: ما أخرجت خراسان مثله !
وقال ابن خزيمة: لم أر تحت أديم السماء أعلم بحديث رسول الله ولا أحفظ من البخاري ..
صحيح البخاري
هو كما ذكرنا أشهر كتب البخاري ، بذل فيه الإمام جهدا خارقاً ، وانتقل في تأليفه وجمعه وترتيبه وتبويبه ستة عشر عاما ، هي مدة رحلته الشاقة في طلب الحديث .
وسبب تأليفه ذكره البخاري نفسه في قوله: " كنت عند إسحاق بن رَاهَويه فقال بعض أصحابنا: لو جمعتم كتابا مختصرا لسنن النبي – صلى الله عليه وسلم- فوقع ذلك في قلبي ، فأخذت في جمع هذا الكتاب "...
وكان البخاري لا يضع حديثا في كتابه حتى يغتسل قبل ذلك ويصلي ركعتين ، وابتدأ البخاري تأليف كتابه في المسجد الحرام والمسجد النبوي ، ولم يتعجل إخراجه للناس بعد أن فرغ منه ، ولكن عاود النظر فيه مرة بعد أخرى ، وتعهده بالمراجعة والتنقيح ، ولذلك صنفه ثلاث مرات حتى خرج على الصورة التي هو عليها الآن...
أقام في بخارى فتعصب عليه جماعة ورموه بالتهم فأخرجه أمير بخارى إلى قرية ( خَرَتنك ) من قرى سمرقند حتى توفي فيها ليلة عيد الفطر...وقد وضع ضريح على قبره لا يزال موجودا حتى اليوم.
رحمك الله يا أبا عبدالله..
|| كن قوياً .. ولا تتوقف !! ||
كرر المازني رسالة الشافعي خمسمائة مرة
وأعاد إسحاق الشيرازي درسه مائة مرة .
وكتب ابن جرير مائة الف صفحة .
وصنف ابن الجوزي ألف مصنف .
وحفظ ابن الأنباري أربعمائة تفسير .
وبقي عطاء بن أبي رباح ينام في المسجد ثلاثين سنه في طلب العلم.
وما فاتت تكبيرة الإحرام الأعمش ستين سنه.
وختم ابن إدريس القرآن أربعة آلاف مرة .
وكان الشافعي يختم القرآن في رمضان ستين مرة والبخاري ثلاثين مرة .
وكان أحمد يصلي في اليوم ثلاثمائة ركعة .
وكان أبو هريرة يسبح اثني عشر ألف تسبيحه .
وكان خالد بن مروان يسبح مائة ألف تسبيحه .
وطاف ابن بطوطة الدنيا في ثلاثين سنة , ولقي في رحلته الأهوال حتى جمع الغرائب والعجائب وصار حديث الدهر .
وأجر أحمد بن حنبل نفسه في طلب العلم .
وجاع سفيان ثلاثة أيام في طلب الحديث .
وباع أبو حنيفة بعض سعف بيته في العلم .
وكان النووي يطالع ويكتب ويحفظ ويصلي ويسبح فإذا نعس نام قليلاً وهو جالس .
وسجن السرخسي فألف المبسوط في ثلاثين مجلد .
وأقعد ابن الأثير فصنف جامع الأصول والنهاية ثلاثين مجلداً .
وسجن ابن تيمية فأخرج الفتاوى ثلاثين مجلداً