الموضوع: رد الغيبة
عرض مشاركة واحدة
قديم 04-07-2018, 12:34 PM   #1
الغارس
~¦ رغد مميز ¦~


الصورة الرمزية الغارس
الغارس غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 2180
 تاريخ التسجيل :  May 2018
 أخر زيارة : 01-02-2024 (03:21 PM)
 المشاركات : 6,884 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي رد الغيبة



**رد الغيبة:


***و اعلم أنه ينبغي لمن سمع غِيبةَ مسلم أن يردّها ويزجرَ قائلَها، فإن لم ينزجرْ بالكلام زجرَه بيده، فإن لم يستطع باليدِ ولا باللسان، فارقَ ذلكَ المجلس، فإن سمعَ غِيبَةَ شيخه أو غيره ممّن له عليه حقّ، أو كانَ من أهل الفضل والصَّلاح، كان الاعتناءُ بما ذكرناه أكثر.
*ففي كتاب الترمذي، عن أبي الدرداء رضي اللّه عنه،
عن النبيّ صلى اللّه عليه وسلم قال: "مَنْ رَدَّ عَنْ عِرْضِ أخِيهِ رَدَّ اللَّهُ عَنْ وَجْهِهِ النَّارَ يَوْمَ القِيامَةِ" قال الترمذي: حديث حسن.
*و في صحيحي البخاري ومسلم، في حديث عِتبان بكسر العين على المشهور، وحُكِي بضمِّها رضي اللّه عنه في حديثه الطويل المشهور قال:


قام النبيّ صلى اللّه عليه وسلم يُصلِّي، فقالوا: أين مالك بن الدُّخْشُم؟ فقال رجل: ذلك منافق لا يُحِبّ اللَّهَ ورسولَه، فقال النبيّ صلى اللّه عليه وسلم: "لا تَقُلْ ذلكَ، ألا تَرَاهُ قَدْ قالَ لا إِلهَ إِلاَّ اللَّهُ، يُرِيدُ بِذلكَ وَجْهَ اللَّهِ؟".



*و في صحيح مسلم، عن الحسن البصري رحمه اللّه:
أن عائذ بن عمرو وكان من أصحاب رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم دخلَ على عُبيد اللّه بن زياد فقال: أي بنيّ إني سمعتُ رسولَ اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقول: "إنَّ شَرَّ الرِّعَاء الحُطَمَةُ، فإيَّاكَ أنْ تَكُونَ مِنْهُمُ، فقال له: اجلسْ، فإنما أنتَ من نُخالة أصحابِ محمَّدٍ صلى اللّه عليه وسلم، فقال: وهل كانتْ لهم نخالةٌ؟ إنما كانت النُّخَالةُ بعدَهم وفي غيرِهم.
*و في سنن أبي داود، عن جابر بن عبد اللّه وأبي طلحة رضي اللّه عنهم قالا:
قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: "ما مِن امْرىءٍ يَخْذُلُ امْرَأَ مُسْلِماً في مَوْضِعٍ تُنْتَهَكُ فيهِ حُرْمَتُهُ وَيُنْتَقَصُ فِيهِ مِنْ عِرْضَهِ إِلاَّ خَذَلَهُ اللَّهُ في مَوْطِنٍ يُحِبُّ فِيهِ نُصْرَتَهُ، ومَا مِنْ امْرىِءٍ يَنْصُرُ مُسْلِماً في مَوْضِعٍ يُنْتَقَصُ فِيهِ مِنْ عِرْضِهِ، وَيُنْتَهَك فِيهِ مِنْ حُرْمَتِهِ إلا نَصَرَهُ اللَّهُ في مَوْطِنٍ يُحِب نُصْرَتَهُ".

***ثم اعلم أن من عظيم الغيبة,الغِيْبَةِ بالقَلْبِ.


*فاعلم أن سوء الظنّ حرام مثل القول: فكما يحرم أن تحدّث غيرك بمساوىء إنسان، يحرم أن تحدّث نفسك بذلك وتسيء الظنّ به، قال اللّه تعالى: {اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِنَ الظَّنِّ} [الحجرات:12].
*و في صحيحي البخاري ومسلم، عن أبي هريرة رضي اللّه عنه؛
أن رسولَ اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال: "إيَّاكُمْ وَالظَّنَّ فإنَّ الظَّنَّ أكْذِبُ الحَدِيثِ". ومعنى "فإن الظن أكذب الحديث" أي أكثر كذباً من باقي الكلام.
** والمراد بذلك :"عقدُ القلب": تحقيق الظن وتصديقه،وحكمُك على غيرك بالسوء، فأما الخواطر وحديث النفس إذا لم يستقرَّ ويستمرّ عليه صاحبُه فمعفوٌ عنه باتفاق العلماء، لأنه لا اختيارَ له في وقوعه، ولا طريقَ له إلى الانفكاك عنه، وهذا هو المراد بما ثبتَ في الصحيح عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أنه قال: "إنَّ اللَّهَ تَجَاوَزَ لأُمَّتِي ما حَدَّثَتْ بِهِ أنْفُسَها ما لَمْ تَتَكَلَّم بِهِ أوْ تَعْمَلْ" (البخاري، ومسلم).
*قال العلماء: المراد به الخواطر التي لا تستقرّ. قالوا: وسواءٌ كان ذلك الخاطِرُ غِيبة أو كفراً أو غيرَه؛ فمن خطرَ له الكفرُ مجرّد خَطَرٍ من غير تعمّدٍ لتحصيله، ثم صَرفه في الحال فليس بكافر ولا شيء عليه.و في الحديث الصحيح أنهم قالوا: يا رسولَ اللّه! يجدُ أحدُنا ما يتعاظمُ أن يتكلَّمَ به، قال: "ذلكََ صَرِيحُ الإِيمَانِ" (مسلم) ولفظه: عن أبي هريرة رضي اللّه عنه قال: جاء ناس من أصحاب النبي صلى اللّه عليه وسلم فسألوه: إنّا نجدُ في أنفسنا ما يتعاظَمُ أحدُنا أن يتكلَّم به. قال: "وقدْ وجدتُموه؟" قالوا: نعم قال: "ذاك صريحُ الإيمان") ".
وسببُ العفو ما ذكرناه من تعذّرٍ اجتنابه، وإنما الممكن اجتناب الاستمرار عليه فلهذا كان الاستمرار وعقد القلب حراماً. ومهما هرضَ لك هذا الخاطرُ بالغيبة وغيرها من المعاصي وجبَ عليك دفعُه بالإِعراض عنه وذكر التأويلات الصارفة له عن ظاهره.



** قال الإِمام أبو حامد الغزالي في الإِحياء (باختصار وتصرّف يسير) :
إذا وقع في قلبك ظنّ السوء فهو من وسوسة الشيطان يلقيه إليك، فينبغي أن تُكذِّبه فإنه أفسقُ الفسّاق، وقد قال اللّه تعالى: {إنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإ فَتَبَيَّنُوا أنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهالَةٍ فَتُصْبِحُوا على ما فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ} [الحجرات:6] فلا يجوز تصديق إبليس، فإن كان هنناك قرينة تدل على فساد واحتمل خلافه، لم تجز إساءة الظنّ؛ ومن علامة إساءة الظنّ أن يتغيَّر قلبُك معه عمّا كان عليه، فتنفرُ منه وتستثقله وتفتر عن مراعاته وإكرامه والاغتمام بسيّئته، فإنَّ الشيطانَ قد يقرِّبُ إلى القلب بأدنى خيالٍ مساوىءَ الناس، ويُلقي إليه أن هذا من فطنتك وذكائك وسرعة تنبّهك، وإن المؤمن ينظر بنور اللّه تعالى، وإنما هو على التحقيق ناطقٌ بغرور الشيطان وظلمته، وإن أخبرَكَ عدلٌ بذلك فلا تُصدِّقه ولا تُكذِّبه لئلا تُسيءَ الظنّ بأحدهما؛ ومهما خطرَ لك سوءٌ في مسلمٍ فزِدْ في مراعاته وإكرامه، فإن ذلك يُغيظُ الشيطانَ ويدفعُه عنك فلا يُلقي إليك مثلَه خِيفةً من اشتغالك بالدعاء له، ومهما عرفتَ هفوةَ مسلم بحجّةٍ لا شكّ فيها فانصحْه في السرّ ولا يخدعنَّك الشيطانُ فيدعوك إلى اغتيابِه، وإذا وعظتَهُ فلا تعِظْه وأنت مسرورٌ باطّلاعِك على نقصِه فينظرُ إليك بعين التعظيم وتنظرُ إليه بالاستصغار، ولكن اقصدْ تخليصَه من الإِثم وأنت حزينٌ كما تحزنُ على نفسك إذا دخلَك نقصٌ، وينبغي أن يكون تركُه لذلك النقص بغير وعظك أحبّ إليك من تركه بوعظك. هذا كلام الغزالي.أ.هـ



** كَفَّارةِ الغيْبةِ والتَّوْبَةِ منها
اعلم أن كلّ من ارتكب معصيةً لزمه المبادرةُ إلى التوبة منها، والتوبةُ من حقوق اللّه تعالى يُشترط فيها ثلاثة أشياء: أن يُقلع عن المعصية في الحال، وأن يندمَ على فعلها، وأن يَعزِمَ ألاّ يعود إليها.


والتوبةُ من حقوق الآدميين يُشترط فيها هذه الثلاثة، ورابع: وهو ردّ الظلامة إلى صاحبها، أو طلب عفوه عنها والإِبراء منها؛ فيجبُ على المغتاب التوبة بهذه الأمور الأربعة، لأن الغيبة حقّ آدمي، ولا بدّ من استحلاله مَن اغتابَه، وهل يكفيه أن يقول: قد اغتبتُك فاجعلني في حلّ، أم لا بُدَّ أن يبيّنَ ما اغتابه به؟ فيه وجهان لأصحاب الشافعي رحمهم اللّه: أحدهما


يُشترط بيانُه، فإن أبرأه من غير بيانه لم يصحّ؛ كما لو أبرأه عن مال مجهول. والثاني لا يُشترط، لأن هذا مما يُتسامحُ فيه فلا يُشترط علمه بخلاف المال. والأوّل أظهرُ، لأن الإِنسانََ قد يسمحُ بالعفو عن غيبة دونَ غِيبة؛ فإن كان صاحبُ الغيبةِ ميّتاً أو غائباً فقد تعذّرَ تحصيلُ البراءة منها؛ لكن قال العلماء: ينبغي أن يُكثرَ الاستغفار له والدعاء ويُكثر من الحسنات.



* ويُستحبّ لصاحب الغِيبة أن يبرئه منها ولا يجبُ عليه ذلك لأنه تبرّعٌ وإسقاطُ حقّ، فكان إلى خِيرته، ولكن يُستحبّ له استحباباً متأكداً الإِبراء، ليخلِّصَ أخاه المسلم من وبال هذه المعصية، ويفوزَ هو بعظيم ثواب اللّه تعالى في العفو ومحبة اللّه سبحانه وتعالى، قال اللّه تعالى: {وَالكاظِمِينَ الغَيْظَ وَالعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهِ يُحِبُّ المُحْسِنِينَ} [آل عمران: 134] وطريقهُ في تطبيب نفسه بالعفو أن يذكِّرَ نفسَه أن هذا الأمر قد وقعَ، ولا سبيلَ إلى رفعه فلا ينبغي أن أُفوِّتَ ثوابَه وخلاصَ أخي المسلم، وقد قال اللّه تعالى: {وَلمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِن ذلكَ لَمِنْ عَزْمِ الأمُورِ} [الشورى:43] وقال تعالى: {خُذِ العَفْوَ} [الأعراف:199]. والآيات بنحو ذلك كثيرة.


وفي الحديث الصحيح أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال: "وَاللَّهُ في عَوْنِ العَبْدِ ما كَانَ العَبْدُ في عَوْنِ أخيهِ" (مسلم (2699) ، وهو جزء من حديث طويل؛ عن أبي هريرة رضي اللّه عنه وأوله "مَنْ نَفَّسَ عن مؤمنٍ كُرْبةً من كُرَب الدنيا") . وقد قال الشافعي رحمه اللّه: من اسْتُرضي فلم يرضَ فهو شيطان. فأما يحدثُ بعدَه فلا بدّ من إبراء جديد بعدَها، وباللّه التوفيق.




v] hgydfm



 


رد مع اقتباس