تذكرنــي
التعليمـــات التقويم البحث مشاركات اليوم اجعل كافة الأقسام مقروءة


        
        




1 معجبون
اضافة رد

 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع

قديم 22-10-2018, 03:20 PM   #1
الغارس
~¦ رغد مميز ¦~


الصورة الرمزية الغارس
الغارس غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 2180
 تاريخ التسجيل :  May 2018
 أخر زيارة : 01-02-2024 (03:21 PM)
 المشاركات : 6,884 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي قوم سبأ والنعمة التي لم يشكروها..



قوم سبأ والنعمة التي لم يشكروها..



إن الحمد لله نحمده ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102]، ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً ﴾ [النساء: 1]، ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً ﴾ [الأحزاب: 70-71].
أما بعد:
فإن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي رسوله محمد بن عبد الله، صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
أيها الناس، يقول الله تعالى: ﴿ لَقَدْ كَانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ جَنَّتَانِ عَنْ يَمِينٍ وَشِمَالٍ كُلُوا مِنْ رِزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ ﴾ [سبأ: 15] ﴿ فَأَعْرَضُوا فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ وَبَدَّلْنَاهُمْ بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَوَاتَي أُكُلٍ خَمْطٍ وَأَثْلٍ وَشَيْءٍ مِنْ سِدْرٍ قَلِيلٍ ﴾ [سبأ: 16] ﴿ ذَلِكَ جَزَيْنَاهُمْ بِمَا كَفَرُوا وَهَلْ نُجَازِي إِلَّا الْكَفُورَ ﴾ [سبأ: 17] ﴿ وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْقُرَى الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا قُرًى ظَاهِرَةً وَقَدَّرْنَا فِيهَا السَّيْرَ سِيرُوا فِيهَا لَيَالِيَ وَأَيَّامًا آمِنِينَ ﴾ [سبأ: 18] ﴿ فَقَالُوا رَبَّنَا بَاعِدْ بَيْنَ أَسْفَارِنَا وَظَلَمُوا أَنفُسَهُمْ فَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ وَمَزَّقْنَاهُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ ﴾ [سبأ: 19].
عباد الله، ما أحسن أن يقرأ الإنسان التاريخ قراءة متأنية فيعرف أخبار الأمم والدول والأفراد والمجتمعات، فينظر كيف كانت الحال وكيف صار المآل، وكيف كانت العاقبة والخاتمة للمحسنين والمسيئين.
ليقيس أحوال الزمان الحاضر على أحوال الزمان الغابر؛ فسنة الله في عباده واحدة متقدمهم ومتأخرهم: ﴿ فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَحْوِيلًا ﴾ [فاطر: 43].
أيها المسلمون، وفي القرآن الكريم من أخبار الأمم وأحوال أهلها أفراداً وجماعات أصدق الأخبار وأحسنها، وأكثرها عبرة للمعتبرين وموعظة للمتعظين.
ففي الآيات السابقة ذكرَ الله تعالى خبراً عن قوم سبأ الذين كانوا يعيشون في مأرب، وينتمون إلى رجل يقال له: سبأ، وهو من نسل قحطان، وكان رجلاً مسلمًا، وقد أرسل الله تعالى إلى قومه أنبياء فاهتدوا بهم، فأنعم الله عليهم بنعم كثيرة، فطاب هواؤهم، وحسنت أرضهم، ودرّ رزقُهم، وجمل حالهم في حلهم وترحالهم[2].
فاستمروا على هذه الحال إلى أن كفروا وجحدوا، وأعرضوا عن الهدى، فأبدلهم الله بعد تلك النعم جوعًا وظمأ، ونقمًا وبلاء، وتفرقًا وتمزقًا في أرجاء الجزيرة العربية.
جاء في سنن أبي دود وفي سنن الترمذي -بسند حسن صحيح- عن فروة بن مسيك المرادي قال: إن رجلاً سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، ما سبأ: أأرض هو أم امرأة؟ قال: ليس بأرض ولا امرأة، ولكنه رجل ولد عشرة من العرب، فتيامن منهم ستة، وتشاءم منهم أربعة[3]، فأما الذين تشاءموا: فلخم وجذام، وغسان وعاملة، وأما الذين تيامنوا: فالأزد والأشعريون وحمير، وكندة ومذحِج وأنمار).
لقد بقي قوم سبأ على شركهم وضلالهم يعبدون الشمس إلى عهد ملكتهم بِلقيس، وكان من خبرها مع نبي الله سليمان عليه السلام ما قصَّ اللهُ تعالى في سورة النمل.
أيها الأحباب الفضلاء، ذكر الله تعالى الآيات الماضية عن قوم سبأ في سورة سُميت باسمهم، فذكرها عقب الحديث عن نبيه سليمان؛ لما بين قوم سبأ وسليمان من الارتباط في عهد ملكة سبأ.
وقد ذكر سبحانه هذه الآيات في سورة مكية تحاجج قريشًا المشركين الذين أنعم الله عليهم بجوار البيت الحرام الذي كثر فيه رزقهم واتسع بسببه أمنُهم، وأنعم الله عليهم بالنعمة الكبرى ألا وهي بعثُ نبي آخر الزمان منهم، قال تعالى: ﴿ لِإِيلافِ قُرَيْشٍ ﴾ [قريش: 1] ﴿ إِيلافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ ﴾ [قريش: 2] ﴿ فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ ﴾ [قريش: 3] ﴿ الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ ﴾ [قريش: 4]. ولكنهم استمروا على شركهم وعنادهم لرسوله عليه الصلاة والسلام، فذكَّرهم الله بقصة سبأ حتى يعلموا أن النعم إذا لم تشكر فإن مصيرها الزوال، ومآل أهلها الكافرين الهلاك.
ففي هذه الآيات الكريمات يصف الله تعالى حال هؤلاء القوم الذين رغد عيشهم، وحسنت أحوالهم، وعظم أمنهم، غير أنهم لم يستجيبوا لدعوة الأنبياء، ولم يشكروا الله على هذه النعماء. فأمهلهم حتى انتهت المهلة فنزلت العقوبة عليهم وعلى نعمتهم فاجتاحت تلك المزارع، وأجدبت الأرض وساء الهواء، فلم يستطع جمعهم البقاء في تلك المجاعة والظروف السيئة.
فتفرقوا بعد اجتماعهم وقوتهم إلى جماعات جماعات، كل منها اتجه إلى مكان داخل اليمن وخارجها، حتى وصل بعضهم إلى الشام، وبقوا هناك، ولازال لبعضهم في الشام والعراق نسل إلى اليوم.
أيها المسلمون. يقول تعالى: ﴿ لَقَدْ كَانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ جَنَّتَانِ عَنْ يَمِينٍ وَشِمَالٍ كُلُوا مِنْ رِزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ ﴾ [سبأ: 15].
يعني: لقد كان لقوم سبأ في مأرب برهان يدل على قدرة الله تعالى في الخلق والرزق، هذا البرهان والعلامة على القدرة هو بستانان متصلان، على يمين الوادي أو الطريق وشماله، هذان البستانان مملوآن بما لذ وطاب من الخضروات والفواكه.
وكانت تلك البلاد طيبة التربة صالحة لإنبات تلك الفواكه والخضروات أحسن ما يكون الإنبات، كما كانت طيبة الهواء، فياضة الماء، مما يساعد على نماء تلك النعمة، وعلى حسن مقامهم في تلك البلاد. فهي بلاد صالحة للسكن والزراعة؛ إذ ليس فيها آفات تؤذي الساكن، ولا آفات تعدم الزراعة أو تنقصها.
فأباح الله تعالى لهم هذه النعمة الجزيلة التي هي رزق منه وحده، وأمرهم بعبادته وشكره، ووعدهم بأنه رب غفور لذنوبهم إذا استغفروه وتابوا إليه.
من هذه الآية الكريمة يتبين أن صلاح الأرض للزراعة، ووفرة الماء، وطيب الهواء، من أعظم نعم الله على الخلق. وذلك مما يساعد على الاستقرار والكفاية، ويعين على عبادة الله وعدم الحاجة إلى الآخرين، وقطع المسافات لجلب ذلك الرزق الذي لا يمكن الاستغناء عنه.
ومن هذه الآية الكريمة نستفيد أن النعمة إذا كانت في مسكن الإنسان وموضع قراره فهي أعظم من النعمة التي تُجلب من خارجه. ومن العِبر في هذه الآية: أن الله تعالى ينعم على عباده بنعم لينظر من يشكره فيُبقي عليه النعمة ويزيده، ومن يكفر نعمته فيذهبها عنه ويعاقبه. ومنها: بيان عظم هذه النعمة الغذائية والبيئية والأمنية التي كان يَنعم بها قوم سبأ. ومنها: أن النعمة بدون حارس الشكر تهجم عليها العقوبة، فمن شكر نعمة الله - وأعظم الشكر العمل بأوامره واجتناب نواهيه - فقد حرس نعمته من الذهاب، ومن لم يشكرها - فصار بعيداً عن طاعة الله عاملاً بمعصيته - فإن نعمته ستذهب ولو بعد حين. ومنها: أن طيب البلاد وحسن جوها نعمة عظيمة قد لا يعرف قدرها بعضُ الناس إلا إذا صار إلى بلاد كثيرة الوخم والوباء، سيئة الأحوال والهواء. ومنها: بيان سعة حلم الله على عباده وعظيم رحمته بهم؛ فإنه وعدهم بالمغفرة إذا تابوا إليه واستغفروه مهما فعلوا من الخطايا.
أيها الإخوة الفضلاء، ثم يقول تعالى: ﴿ فَأَعْرَضُوا فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ وَبَدَّلْنَاهُمْ بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَوَاتَي أُكُلٍ خَمْطٍ وَأَثْلٍ وَشَيْءٍ مِنْ سِدْرٍ قَلِيلٍ ﴾ [سبأ: 16] ﴿ ذَلِكَ جَزَيْنَاهُمْ بِمَا كَفَرُوا وَهَلْ نُجَازِي إِلَّا الْكَفُورَ ﴾ [سبأ: 17].
لقد مكث قوم سبأ في تلك النعمة الوارفة لاهين في نعمتهم، غافلين عن ربهم، عاصين لرسله، غير شاكرين اللهَ على فضله؛ فقد أعرضوا عن دعوة المرسلين الذين جاءوهم بالتوحيد، والدعوة إلى شكر النعمة. فأمهلهم الله، ولكنهم لم يستفيدوا من الإمهال، فجاءت العقوبة عليهم من رب العالمين الذي أنعم عليهم فكفروا نعمه.
فأذهب عز وجل تلك النعمة، حيث أرسل عليهم السيل الشديد الآتي من الأمطار الغزيرة ومن خراب سد مأرب، فخربت مزارعهم وبساتينهم، وانقطع عنهم الماء بعد ذلك، فصاروا بلا مزارع ولا ماء، ولا طيب هواء. وأُبدلوا بعد تلك الأشجار المثمرة أشجاراً مُرَّة غير مثمرة، أو أشجاراً قليلة الثمر وكثيرة الشوك، فكان منها الأثل والنبق.
وما حصل هذا التبديل إلا بسبب كفرهم لربهم وعدم شكرهم له سبحانه. وما يجازي الله بهذه العقوبة الشديدة إلا الجاحدين المبالغين في الكفر، والجزاء من جنس العمل، أما من لم يكن مثلهم فيجازي الله كلاً بقدر ذنبه وجحوده.
أيها الإخوة الأفاضل، من هذه الآية الكريمة نستفيد من العبر: أن النعمة إذا لم توافق نفسًا صالحة فإنها تكون سببًا للبطر والأشر والكبر وكثرة المعاصي. ومنها: أن الإعراض عن شكر الله وطاعته سبب لذهاب النعمة، فطاعة الله سبب البقاء، ومعصيته طريق الفناء. ومنها: أن كثرة الجحود مع سعة النعمة يقرِّب العقوبة؛ فلهذا قال: ((فأعرضوا فأرسلنا)) بدون مهلة كثيرة.
ومنها: أن الله يسلط على النعمة التي لم تُشكر شيئًا يذهبها قد لا يتوقعه أصحاب النعمة.
ومنها: أن الماء حينما كان عليهم نعمة في تلك البلاد فلم يشكروها، أرسله الله بعد ذلك عذابًا عليهم؛ حيث جاء كثيراً عن الحاجة فاجتاح نعمتهم فأفسدها وأذهبها. ومنها: أن النعمة قد تذهب في طرفة عين دون وقت كثير، وهذا أنكى في العقوبة. ومنها: بيان عدل الله تعالى، وأنه جل وعلا أنزل عليهم العقاب بسبب كفرهم، ولا يظلم ربك أحداً. ومنها: أن جزاء المعاصي منه ما هو معجل، وهو ليس نهاية الجزاء وتمامه، بل هو جزء مقدَّم فقط، ولعذاب الآخرة أشد وأبقى.
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أما بعد:
ثم يقول تعالى: ﴿ وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْقُرَى الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا قُرًى ظَاهِرَةً وَقَدَّرْنَا فِيهَا السَّيْرَ سِيرُوا فِيهَا لَيَالِيَ وَأَيَّامًا آمِنِينَ ﴾ [سبأ: 18] ﴿ فَقَالُوا رَبَّنَا بَاعِدْ بَيْنَ أَسْفَارِنَا وَظَلَمُوا أَنفُسَهُمْ فَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ وَمَزَّقْنَاهُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ ﴾ [سبأ: 19].
أيها المسلمون، لقد كان مما أنعم الله على قوم سبأ: أنهم إذا سافروا إلى أرض الشام كانوا آمنين من الأعداء، مطمئنين على الغذاء، غير خائفين من الجوع والظمأ؛ فقد كانت لهم مدن متصلة من مأرب إلى الشام، فكلما انتهوا من واحدة بدتْ أخرى، وفيها حراسة الطريق، وفيها طعام وشراب، وفيها يقيلون وينامون، فلا يجدون مشقة، ولا يشكون حاجة، ولا يتعبهم بُعدُ شُقّة. فلا يحتاجون ما يحتاج غيرهم في سفره من أخذ الزاد والماء، ولا يخافون لصوصًا وقطاع طريق، بل يسيرون إلى وجهتهم ويعودون آمنين متى شاءوا من ليل أو نهار، وهذه نعمة عظيمة عليهم.
ولكنهم ملُّوها وكرهوها، فطلبوا تباعد تلك القرى ليقطعوا الفيافي والقفار كبقية الناس، ويأخذون معهم زادهم وسلاحهم، وغير ذلك من حاجات المسافر في الأرض المهلكة!
فظلموا أنفسهم بكفرهم وجحود هذه النعمة عليهم، فعاقبهم الله بخراب بلادهم، وذهاب نعمتهم، فاضطروا للهجرة عنها متفرقين في البلاد حولهم، واشتهر ذلك عنهم في بلاد العرب، فصار الناس يضربون بتفرقهم وتمزقهم المثل فقالوا: "تفرقوا أيدي سبأ" يعني: ذهبوا مذاهب شتى يسلكون منها إلى أقطار عدة.
قال الشاعر:
فيا لكِ من دارٍ تفرَّق أهلُها *** أياديْ سباً عنها وطالَ انتقالُها[4]
عباد الله، من هذه الآيات الكريمة نستفيد من العبر: أن توفر الأمن والغذاء في الأسفار من نعم الله، وعلى أولياء أمور الناس توفير ذلك لمن ولاهم الله عليهم. ومنها: أن سفر الإنسان ورجوعه من سفره من غير خوف ولا مشقة ولا حاجة نعمة من الله عظيمة. ومنها: أن بقاء الإنسان في وطنه الذي يجد فيه رزقه الكافي وعدم حاجته إلا الاغتراب نعمة من نعم الله كذلك.
ومنها: أن التفرق والتمزق عقوبة آتية بسبب المعاصي. ومنها: أن كثيراً من الناس يسمعون أو يقرأون ما حلّ بالعصاة ولكنهم لا يعتبرون، فهلا اعتبر أعداء الأمة الإسلامية بما حل بأسلافهم المتجبرين المترفين، وكيف ذهبت قواتهم المتعددة، ولحقوا بها هالكين! إن في ذلك لعبرة لمن كان له قلب.
ومنها: أن النعمة تحتاج إلى صبر شديد عليها، كما تحتاجه البلية، بل إن الصبر على ما يحب الله في النعم قد يكون أشد من الصبر على البلاء والمصائب.
ومنها: أن النعمة تحتاج إلى شكر كثير، وإلا فمصيرها إلى الزوال والهلاك.
فـ"من لم يشكر النعم فقد تعرّض لزوالها، ومن شكرها فقد قيّدها بعقالها، والشكر قيدٌ للموجود، وصيدٌ للمفقود"[5]. فاشكروا النعمةَ - عباد الله - بطاعة الله وحُسنِ الثناء عليه، واستعمالها فيما يرضي واهبها تعالى، وإياكم وجحودَ النعم بعصيان المنعِم، والبطرِ بالنعمة، والتكبر بها على الخلق، فيا سعادة الشاكرين في العاجل والآجل، ويا شقاء الجاحدين في الدنيا وفي اليوم الآخر.
هذا وصلوا وسلموا على خير البرية...




r,l sfH ,hgkulm hgjd gl da;v,ih>> da;v,ih>>



 


رد مع اقتباس
قديم 23-10-2018, 02:04 AM   #2
غصة الوريد



الصورة الرمزية غصة الوريد
غصة الوريد غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1390
 تاريخ التسجيل :  Dec 2012
 أخر زيارة : 28-03-2024 (04:23 AM)
 المشاركات : 11,831 [ + ]
 التقييم :  2147483647
 الجنس ~
Female
لوني المفضل : Black
افتراضي رد: قوم سبأ والنعمة التي لم يشكروها..



بآآآرك الله فيك
على المعلومآآآت القيمه والمفيده
لا حرمك الله آجر ما طرحته لنآ


 


رد مع اقتباس
قديم 23-10-2018, 09:30 AM   #3
الغارس
~¦ رغد مميز ¦~


الصورة الرمزية الغارس
الغارس غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 2180
 تاريخ التسجيل :  May 2018
 أخر زيارة : 01-02-2024 (03:21 PM)
 المشاركات : 6,884 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي رد: قوم سبأ والنعمة التي لم يشكروها..



شرفني مروركم العاطر على صفحات الموضوع و تمنياتي لكم بالاستفادة


اختي الغالية جنون انثى






 


رد مع اقتباس
قديم 23-10-2018, 01:58 PM   #4
пαнεɔ



الصورة الرمزية пαнεɔ
пαнεɔ غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1579
 تاريخ التسجيل :  Aug 2014
 أخر زيارة : 28-03-2024 (06:50 PM)
 المشاركات : 51,132 [ + ]
 التقييم :  2147483647
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي رد: قوم سبأ والنعمة التي لم يشكروها..



جزاك المولى خير الجزاء ووفقنا الله للعلم النافع


 
 توقيع : пαнεɔ
|



|


رد مع اقتباس
قديم 24-10-2018, 08:04 AM   #5
الغارس
~¦ رغد مميز ¦~


الصورة الرمزية الغارس
الغارس غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 2180
 تاريخ التسجيل :  May 2018
 أخر زيارة : 01-02-2024 (03:21 PM)
 المشاركات : 6,884 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي رد: قوم سبأ والنعمة التي لم يشكروها..



اشكركم ع المرورعلى الموضوع

ناهد



 


رد مع اقتباس
قديم 06-01-2019, 01:10 PM   #6
الخالدي
~¦ رغد فعآل ¦~


الصورة الرمزية الخالدي
الخالدي غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 2065
 تاريخ التسجيل :  Aug 2017
 أخر زيارة : 14-12-2019 (09:55 PM)
 المشاركات : 284 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي رد: قوم سبأ والنعمة التي لم يشكروها..



سلمكم الله واسعدكم الرحمن

طرح في غاية الابداع والجمال

يعطيك العافيه
سلمت ذائقتك واختيارك المميز
طرح نقي وراقي
تقديري مع ارق تحية


 


رد مع اقتباس

اضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
التي, يشكروها.., والنعمة

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
المفاتيح التي فقدتها غصة الوريد قطآف عآمه / مآذآ : يُحكَى سلَفآ ‘ 3 19-07-2018 01:03 PM
المساجد التي صلى بها الرسول الغارس ٱلسًيّرة ٱلنٌبّوِيّة وِتُرٱجَم ٱلعلمٱء والحديث 3 11-06-2018 05:51 PM
بعض الأسباب التي تضاعف بها الأجور منى م - روحآنيةة مُسلم ومِسًـلَمِة ,صَوتيآتْ إسلآمية 2 31-05-2015 10:02 PM
محادثه بيت فتاتين على البي بي... متفائل - روحآنيةة مُسلم ومِسًـلَمِة ,صَوتيآتْ إسلآمية 9 07-07-2013 11:59 PM
الحاسة التي لاتنام صافي الود - روحآنيةة مُسلم ومِسًـلَمِة ,صَوتيآتْ إسلآمية 4 04-04-2012 05:22 AM

RSS RSS 2.0 XML MAP HTML

الساعة الآن 07:37 PM

أقسام المنتدى

. , وطن مختلف ♪ @ مَن عَرف ربهُ ، رأي كُل مافي الحياة جميلاً ♪ @ - روحآنيةة مُسلم ومِسًـلَمِة ,صَوتيآتْ إسلآمية @ ؤ. . رجل بِ كآريزمآ ♪ آنثى رقيقه ♪ @ - آلمطبخ والمآكولآت آلشهيه ‘ @ - آلعيآده آلصحيّه و مآئدة آلرشآقه ، @ - صَخب آلجوآل @ . . اِسترخاء بلون آخر ♪ @ - آلبوم آلصور _لوحآت ‘ @ منتدى العرب المسافرون @ - - ضجةة . . آلآقسآم آلتقنيه ♪ @ هنآ . . خلف الكوآليس ♪ @ ) خآرج آلآقوآس ( @ | لمن يهمه آلآمر | @ الأخبار القرارات الإدارية @ - هنآ حيثُ يسكننآ آلهدوءْ ‘ مدونتي @ - آزيآء وآنآقه ‘عطورهآ bath&body @ _ الحياة الأسرية والأجتماعية @ | نقطة وصل | @ _ الكمبيوتر والبرامج @ - آلعنآيه بآلبشره والشعر | skin care_ Hair care @ _ التوحيد والقرآن الكريم وتفسيره @ -خَلفيآت وَ رَمزيآتَ Social Media @ - آلديكور وتآثيث آلمنزلَ ‘ @ . , الاقسام العامة ♪ @ - بصمآت طُبعت لِ آلذكَرى ‘ @ قطآف عآمه / مآذآ : يُحكَى سلَفآ ‘ @ - النقاش والحوار / تطويرالذات ‘ @ - ورقَه وَمحبره ‘ @ نٌزَفُ آلَمِدُآدُ @ ٱلسًيّرة ٱلنٌبّوِيّة وِتُرٱجَم ٱلعلمٱء والحديث @ التعليم العام وآلمكَتبه وكلّ لغآت آلعآلم ‘ @ آنآقة آدم ‘ @ - عالم السيارات ‘ @ جدآئل من آلآبدآع ♪ @