تذكرنــي
التعليمـــات التقويم البحث مشاركات اليوم اجعل كافة الأقسام مقروءة


        
        




اضافة رد

 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع

قديم 02-11-2018, 09:17 PM   #1
الغارس
~¦ رغد مميز ¦~


الصورة الرمزية الغارس
الغارس غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 2180
 تاريخ التسجيل :  May 2018
 أخر زيارة : 01-02-2024 (03:21 PM)
 المشاركات : 6,884 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي الموبايل جامع القرية المعولمة



الموبايل جامع القرية المعولمة
الخميس 2018/11/01


لئن شكلت الثورة التكنولوجية قطيعة أنثروبولوجية ثالثة في تاريخ البشرية بعد ابتكار الكتابة واختراع المطبعة، فإن الموبايل في صيغته الحالية، التي تتطور يوما بعد يوم بشكل مذهل، هو ثورة داخل الثورة الرقمية، أخذ عن الكمبيوتر كل طاقاته وإمكاناته كميديا متعددة الوظائف وأداة للتنظيم والتواصل لا غنى عنها في إنتاج العلاقة بالآخر، وتميز عنه بسهولة حمله ونقله في كل مكان، وفاقه في إلغاء إدراكنا للفضاء والزمن، حتى عُدّ بحقّ خير من وحّد الناس عبر أرجاء المعمورة، وجعلها فعلا قرية كونية.

هذا الجهاز، الذي جُعل في البداية لدنيا رجال الأعمال، ما لبث أن تبناه الناس بكل فئاتهم، وبدخوله عالم الاتصال اليومي أحدث تغييرا جذريا في الخاصيات الزمنية والفضائية للهاتف التقليدي، وأوجد أنماط تفاعل غير مسبوقة، ساهمت إلى حدّ بعيد في إعادة تشكيل الممارسات الاجتماعية وخلق ثقافة جوالة مخصوصة. في كتاب “ثقافة جوالة” قام الكندي أندري كارون من جامعة مونريال والإيطالية ليتيسيا كارونيا من جامعة بولونيا ببحوث إثنوغرافية، لرصد ممارسات التواصل الجديدة لدى الشباب، وظروف الإنتاج الاجتماعي لثقافة الموبايل، وتملُّكِ تلك الشريحة العمرية لتكنولوجيا الأخبار والاتصال تملّكا مكنهم من إدماجها في فضائهم الاجتماعي العادي.

ولاحظا أن من مظاهر التجديد في علاقة الشباب بهذه التكنولوجيا: المحادثات، السيطرة على التقابل “عامّ / خاصّ”، إعادة تحديد معنى الأمكنة والأزمنة، تحقيق أسطورة الاتصال الانصهاري، وتجسيد العلاقات الاجتماعية. ولئن أخضع الشباب الموبايل لعاداتهم، ولقواعد ثقافية قائمة، فإن الموبايل خلق لديهم سلوكيات جديدة: رؤية بعضهم بعضا، سردية وثيقة الاتصال بالأحداث، التعقب المنتظم لتنقلات هذا وذاك للتلاقي، خارطة مباشرة تسمح بمعرفة المكان الذي يوجد فيه المخاطب، ومن يفعل ماذا لحظة بلحظة. وأيا ما تكن طريقة استعمال الموبايل، فإن أهميته تكمن في خصائص الربط التي يتميز بها، فهي التي تسمح بتمفصل فضاءات بعيدة والحفاظ على النسيج الاجتماعي. فالأداة تدمج مجموعة الموارد السوسيوتقنية التي تسمح بضمان “تواجد” ثنائي يجمع بين المتعة وكليانية الوجود والمثابرة داخل شبكة التواصل الاجتماعي. فالغاية كما يقول عالم الاجتماع الفرنسي فرنسيس جوريغيبيري هو أن تظل متصلا.

لقد قابل بعضهم ظهور الموبايل باحتراز شديد، وحذروا من عواقبه السلبية كالإدمان، والتشجيع على الشك والنميمة والكذب، والمراقبة الشاملة ممن بيدهم الحل والربط كما تخيلها جورج أورويل “الأخ الأكبر يراقبك”، فضلا عن الوقوع في فخاخ المنحرفين. أما اليوم، فقد صار لعلماء الاجتماع وعلماء النفس والفلاسفة من التجربة ما يمكنهم من تحليل هذه الظاهرة من شتى الزوايا. وقد ظهرت عدة دراسات في هذا المجال، بعضها يركز على مستعملي الموبايل مثل كتاب كارون وكارونيا الآنف الذكر، وبعضها الآخر يتناول آثاره وعلاقته بالزمن، وأغلبها تريد أن تعرف ما إذا كان هذا الجهاز يخفي خلفه كمّا هائلا من الآثار السلبية.

من ذلك مثلا أن فرنسيس جوريغيبيري ركز على ثيمة اللاتناظر بين المكالِم (الذي ينتظر إجابة) والمكالَم (الذي يفترض أنه سيرد)، فتخيل أن ضغط المكالِم، الذي هو نفساني فقط في العلاقات الزوجية، يمكن أن يأخذ أشكالا أكثر حدة في المجال المهني، بين الأعراف من جهة والعمال أو الموظفين من جهة أخرى، لا سيما حين يخضع العملة المتنقلون إلى المراقبة لتتبع مسارهم عند التدخل أو التوزيع، أي الخضوع إلى تيلورية عن بعد (نسبة إلى المهندس الأميركي فريدريك وينسلو تايلور مبتكر التنظيم العلمي للعمل).

غرافيك "الجديد"
غرافيك "الجديد"
كما لاحظ عالم الاجتماع برونو لاتور أن تقنيات الاتصال الحديثة واستعمالاتها الجديدة تبين إلى أي حدّ تساهم في مسار إعادة تحديد الظروف، وتعديل طرق إقامة العلاقة مع الآخر، وبناء ثقافة عادية. ويضرب مثلا على ذلك بمائدة يجلس إليها بعض الأصدقاء وعليها موبايل. إن وجود هذا الجهاز أمامهم يفتح إمكانية تدخل مخاطِب بعيد خلال تناولهم وجبتهم، ما يُدخل أشكال مشاركة جديدة تنزع نحو تجديد تقاليد التفاعل، وهويات الفاعلين في هذا الظرف، حتى لكأن الأدوات التقنية تعيد تحديد القواعد والممارسات التي تنظم الحياة المعتادة.

وإذا كان الموبايل قد أتاح ظهور ممارسات تلفونية جديدة، فإنه أدى أيضا إلى إلغاء تدريجي لحدود أنشطة كانت في ما مضى منيعة، وتشابك ملحوظ في المجالات العامة والخاصة، وإعادة تحديد فعلي للفضاءات الاجتماعية العادية. فقد فسح المجال لمبادلات تلفونية كانت في عداد الحميمية، وتداخل بذلك المجال العام- والمهني- بالمجال الخاص، وصارت أمكنة المخاطِبين والمخاطَبين غير ثابتة وهو ما يفسر تعويض “ألو!” بـ”أين أنت؟”، ذلك الاستفسار الذي جعله الفيلسوف الإيطالي موريسيو فيراريس عنوانا لكتاب استعرض في طياته الحوار الافتراضي التالي:

- هذه أنتِ يا عزيزتي؟

- لا، أنا زوجها.

استنتج فيراريس من هذه الطرفة أن الموبايل وصاحبه إذا كانا متماهيين إلى هذا الحدّ، فإن خصائص كل منها تغدو خصائص الآخر، ومن بين تلك الخصائص كليانة الوجود (أي يمكن أن نكون في أكثر من مكان في الوقت ذاته) والفردية (لا يجيب عن المكالمة غير شخص واحد)، وبذلك يصبح الهاتف شخصا، ولكن ذلك الشخص لا وجود له في مكان محدد.

عن هذا التواصل الكلياني الوجود أيضا، ركز الفيلسوف النمساوي كريستوف نييري دراساته، واستخلص وجود اضطراب في المعنى العادي للفضاء والأجساد التي توجد داخله، وعلامته ثنائية القطبين: من ناحية يسمح الموبايل بحضور مادي للغائب، ومن ناحية ثانية يسمح للشخص الحاضر بأن يكون في مكان آخر. فالحضور الدائم وغياب الحاضر هما وجهان لاضطراب واحد.

غير أن التركيز الأكبر كان على استعمال المراهقين للموبايل، والسلوكيات التي أحدثوها، ولغة التواصل التي ابتكروها، والمعلوم أن المراهقين يعتبرون الممثلين المميزين لظاهرة إقحام التكنولوجيات داخل جاليةِ ممارسات، ودورهم في خلق تلك الجالية التي تستقبلهم. وإذا كان امتلاك المراهق لجهاز موبايل قد يكون وسيلة يراقبه الأهل بواسطتها، فإن ذلك الجهاز ما لبث أن تحول إلى وسيلة تتجاوز حدود العلاقة العائلية أبناء/ أولياء، ليصبح وسيلة لاختراق الفضاء اليومي، وربط صلات بالعالم الخارجي، بدءا بالأصحاب والرفاق، من خلال الانخراط في الرسائل القصيرة SMS، فخلقوا بذلك مجموعة اجتماعية أنشؤوا لها خطابا مخصوصا، حتى أن الباحثَين كارون وكارونيا استعانا ببعض الشبان كي يمدوهما بقاموس “لغة المراهقين”، وهي لغة تقوم على اختصار الكلمات إلى حدودها الدنيا:

bjr — bonjour (صباح الخير)

slt — salut (أهلا، تحياتي)

koi 2 9 ? — quoi de neuf ? (ما الجديد؟)

au – — au moins (على الأقل)

tt va bi1 — tout va bien (كل شيء على ما يرام)

ومثلها لدى شباب العرب الذين يتواصلون بالعامية عن طريق أحرف لاتينية يعوض فيها رقم 7 حرف الحاء ورقم 9 حرف العين كما في المثال التالي:

N7ib n9oum — نحب نعوم (أريد أن أسبح).

أي أن المواثيق اللسانية والاجتماعية التي تجمعهم ساهمت في خلق الثقافة التي يشتركون فيها، فالوحدات النصية ذات المورفولوجيا الصرفية المخصوصة، وكذلك شيفرات النصوص القصيرة التي يستغلونها في مبادلاتهم هي علامات يحقق بواسطتها الشبان المصادر الدالة على جالية المراس لديهم، وبذلك يدلون على انتمائهم إلى تلك الثقافة، ويوحدون تأملاتهم لبنيتها، فيصبح الموبايل أداة لتحقيق هوية اجتماعية مخضرمة، تعبرها مرجعيات سوسيو إثنية وثقافية متعددة.

ولكن هل تصنع التكنولوجيات بعامة والموبايل بخاصة ثقافة؟ وما هي ملامحها؟

منذ أن التحم الموبايل بالإنترنت والموسيقى والصور والفيديو باختراع أول سمارتفون (آيفون الأميركي ثم غلاكسي لمنافسه الكوري الجنوبي سامسونغ) عام 2007، تناسلت تطبيقاتٌ بالآلاف دفعت بشركتي أبل وغوغل إلى توجيه السمارتفون إلى التجارة على الشبكة، فلم يعد الموبايل وسيلة للاتصال فحسب، بل صار وسيلة لتلقي المعلومات وللترفيه أيضا، وأداة لسداد المشتريات، أي “سوبرماركت الجيب” بعبارة الأسترالي جيرارد غوغين، وأصبح العالم كله في هذا الجهاز العجيب، الذي يقبع في جيب أو جراب أو محفظة يدوية صغيرة الحجم، ما جعل المؤسسات الإعلامية وشركات الإنتاج على اختلافها تخوض حربا حقيقية لكسب الزبائن.

من بين التطبيقات الأخيرة في فرنسا مثلا “كولتور كليك” التي أنتجتها شركة “يو آر هير” (أنت هنا) بالتعاون مع وزارة الثقافة والاتصال والمكتبة الوطنية ومجمع المتاحف الوطنية، وهي وسيلة تفتح أمام مستعمليها لا الأحداث الثقافية فقط، وإنما أيضا المتاحف والمعارض والمكتبات الفرنسية حيثما كانت. وثمة من بعث موقعا لا يزار إلا عبر الموبايل كما هو الشأن مع الموسيقي والرسام الياباني هاجيم تاشيبانا، أو التشكيلي الأميركي جون مايدا، أو كاتبة السيناريو بونجي نبادا من جنوب أفريقيا التي نشرت على واتساب رواية ذات سبعة فصول قصيرة، مشفوعة بتسجيلات فيديو وأوديو، بينما بدأ اليابانيون ينتجون روايات لا يتعدى الفصل الواحد منها صفحة سمارتفون…

ولأن التكنولوجيات تصنع حقول عمل محتملة، وبرامج سردية ممكنة، وتوسع حقول الإمكانات لدى البشر، يمكن القول إن التكنولوجيا تصنع الثقافة، ولكن، كما هو الشأن مع الثورات الصناعية السابقة، تثير الثورة الرقمية مخيالا يصطبغ بألوان الأمل أو الخوف. الأمل الذي يراود أحلام تقنيين جعلوا الرقمنة قاعدة ثورة معرفية، ثورة الذكاء المشترك أو ذكاء الجماهير، التي ينبغي صهرها مع وعي الأفراد في نوع من الذكاء الخارق؛ والخوف من أن يؤدي ظهور شبكات لا تخضع لمركز معين إلى قيام أسس ديمقراطية متجددة أو ما أُطلق عليه “ديمقراطية النت”، فيما نظر بعد علماء الاقتصاد لعصر نمو لا حدود له، (يسوده اقتصاد المجانية أو اقتصاد المشاركة)، من شأنه أن يغير القوانين الأساسية للاقتصاد، ولكن الثابت ألا أحد يعلم إلى أين تقودنا هذه الثورة الرقمية المذهلة التي شملت العالم وكل أنشطة الوضع البشري تقريبا (نفسانيا ومعرفيا واجتماعيا وأنتروثولوجيا… ).

السلفي وتحولات الأنا في العصر الرقمي
لوحة: أليكس غروس
لوحة: أليكس غروس
من الظواهر التي تولدت عن الثورة التكنولوجية، واختراع الموبايل ثم الآيفون والسمارتفون، ظاهرة السلفي selfie، تلك التقنية التي مكنت الناس من تصوير أنفسهم حيثما كانوا، ورفقة من شاؤوا، بشرا أو حيوانات أو معالم أو أعلاما مشهورين، لتخليد لحظة، قد لا يكتب الخلود، بسبب عطب فني أو عدول ذاتي عنها، حتى غدا كوجيتو هذه المرحلة “أنا أُسَلْفي، إذن أنا موجود”، عنوان كتاب مثير لأستاذة الفلسفة واختصاصية التحليل النفسي الفرنسية إلسا غودار. فهل هي أزمة نرجسية حادة أم أعراض أنانية زائدة عن الحدّ أم هو نوع من اللعب العُصابيّ يمارسه الفرد مع صورته؟

ظهر مصطلح السلفي، الذي ترجم في كيبيك إلى “بورتريه ذاتي” أو “صورة ذاتية”، عام 2002 في منتدى أسترالي على الشبكة، وهو مستمد من العبارة الإنكليزية self بمعنى “ذات”، وأحيانا “لكوني وحيدا”، مضافا إليها لاحقة ie، فانتشر المصطلح، ولكنه لم يصبح ساري المفعول إلا بداية من العام 2012، بتطور تقنيات منتجات شركتي آبل الأميركية ومنافستها سامسونغ الكورية الجنوبية، وسرعان ما احتل موقعا في معجم أكسفورد، وفي شتى المعاجم الفرنسية منذ العام 2016. وما لبث العالم بأسره أن دخل عصر “السلفي”، ما دفع المفكرين إلى التساؤل عن التحول الجذري في إدراكنا للزمن والفضاء، وعن علاقة الإنسان بنفسه، وبغيره، وبالعالم، وعن علاقتنا بالفكر واللغة أمام قوة الصورة والعالم الافتراضي، في مجتمع هزته التقنيات الرقمية وأدخلت عليه اضطرابا عميقا، بدا السلفي فيه علامة على أزمة هوية.

ماذا سينجم عن “مرحلة السلفي”، التي تعبر في رأي الكاتبة عن الشكوك الوجودية لذات ليست على ما يرام؟ وهل تغير العالم أم أن إدراكنا إياه هو الذي تغير، لا سيما بعد أن صارت الصلة بيننا وبينه تمر عبر تلك الآلة الهجينة، التي تجمع بين الهاتف والشاشة وآلة التصوير والكمبيوتر، والتي نسميها سمارتفون. تلك الآلة الفريدة، التي صارت همزة الوصل بيننا وبين الآخرين، بين ما نحسّ به حقيقة وما نريد أن نظهره، بين أنا وأنت، إلى أي مدى يمكن القول إنها تفتتح علاقة جديدة بين الأفراد، لا سيما أنها تكاد تتلخص في شاشة، أي فضاء لإنتاج الصورة، ولأنها أيضا تنشر جانبا من الأنا؟ ولكن أي أنا تحديدا؟ وماذا تقول عنها؟ هل أن إنجاز صورة وتنزيلها على موقع تواصل اجتماعي في انتظار “لايكات” حولها يؤديان إلى تغيير العلاقة بالذات، وحتى إلى تغيير عميق في الأنا؟ وهل يغير ذلك كله صلة الأنا بالآخر؟

باشتغالها على مسألة السلفي، تلك الطريقة الجديدة في التواصل السهل والفوري، التي تجعل الفرد ماثلا محايثا في الفضاء والزمن، والتي يمكن أيضا أن تُفقر قدرته على التواصل بصفة عقلانية ونقدية، فبدل أن يعيش واقعه، بات يميل إلى نسيان نفسه في العالم الافتراضي، لاحظت إلسا غودار أنه يجمع عدة تساؤلات عن الافتراضي، فهو مؤشر على عدة ثورات نجد أنفسنا منساقين إليها:

أولا، أن “السلفي” ما كان ليوجد دون ثورة تكنولوجية، فقد أعلن ظهور الرقمي عن قطيعة ذات عدة أوجه، قلبت أنماط عيشنا بشكل عميق. ثانيا، أن هذا التطور أدى إلى تغيير جذري لإدراكنا للعالم يمكن أن نسميه ثورة إنسانية، كان من أثرها تغيير علاقتنا باللغة وبالفضاء والزمن. ثالثا، أن السلفي هو في جوهره تمثل للذات، يفرض تأملا في النرجسية، وثورة ممكنة للأنا. رابعا، أن مثل هذا التساؤل له انعكاسات في علاقتنا بالآخرين – قريبة من تلك التي تؤدي إلى أزمة هوية لدى المراهقين – قد تنجم عنها ثورة اجتماعية وثقافية. خامسا، أن المجتمع يتحول تدريجيا إلى مسرح تمثلات للأنا، أي لعبة لا يمكن أن نغفل أن فيها من البعد اللطيف والودي والإبداعي للسلفي قدر ما فيها من غريزة حياة تعكس ثورة إيروسية. ولو أن إيروس لا يمكن أن يوجد دون تاناتوس، أي غريزة الموت، فالسلفي في نظرها يحمل نصيبا من الظل في ثقل الوحدة التي قد يخفيها، وفي غلوّها السقيم، ما قد يقود إلى ثورة أخرى مرضية. في موازاة ذلك، يمكن أن يُعدّ السلفي تعبيرا جماليا، عملا فنيا، من خلال رغبة الفرد في مشاركة غيره شيئا ما، قد يحمل في طياته ثورة جمالية. وأخيرا، تلك الثورات المتسلسلة التي لا يمكن أن نقيس آثارها دون مباعدة، تحملنا على توخّي الحذر، ووضع أسس “سِلف – إيتيقي”، أي إيتيقا الافتراضي، والتفكير في وقع التطورات التكنولوجية العلمية على روابطنا البشرية، وعلاقتنا بذواتنا، ما يمكن أن نسميه، والحديث للكاتبة، ثورة إيتيقية.

وتخلص الكاتبة إلى أن مرحلة السلفي تكشف عن شكل جديد لذاتية هجينة، ذاتية افتراضية، تواجه صعوبة فرض نفسها، لوقوعها بين الذات الحقيقية ومسخها، أي أنها نوع من الذاتية بغير ذات؛ وتؤكد أن الذاتية في طور تحوّل، تماما مثل الأنا التي لا تنفك تتساءل، بين واقع معيش وتمثله الافتراضي.

والكاتبة في النهاية لا ترفض السلفي، ذلك البورتريه الذاتي الذي يعكس أزمة الذاتية التي نجمت عنه، ووجود أنا افتراضية، بل تريد أن تُبين أن في إدماج الافتراضي في حياتنا اليومية – بدل الخوف منه – وقبول الربط بين الأنا الافتراضية والأنا الواقعية، نستطيع وضع قواعد ولادة جديدة، وبناء أسس عيش مشترك على الشبكة العنكبوتية العالمية World Wide Web، أو 2.0 حسب الاستعمال المتداول اليوم. إن كان العالم قد تغير، فلأننا نحن الذين غيروه، ولا بدّ عندئذ من تقدير أفعالنا، وتطوير فكر نقدي. نحن نشهد تحول الصلات الاجتماعية بسرعة مذهلة، والخطر أن نبقى إزاءه مكتوفي الأيدي.




hgl,fhdg [hlu hgrvdm hglu,glm hgl,fhdg hgrvpm



 


رد مع اقتباس
قديم 03-11-2018, 03:26 AM   #2
غصة الوريد



الصورة الرمزية غصة الوريد
غصة الوريد غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1390
 تاريخ التسجيل :  Dec 2012
 أخر زيارة : 28-03-2024 (04:23 AM)
 المشاركات : 11,831 [ + ]
 التقييم :  2147483647
 الجنس ~
Female
لوني المفضل : Black
افتراضي رد: الموبايل جامع القرية المعولمة



يسلم يمناااك
ع اختياراتك الرائع
شكرا لك


 


رد مع اقتباس
قديم 03-11-2018, 09:39 AM   #3
مُزُنْ



الصورة الرمزية مُزُنْ
مُزُنْ غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 681
 تاريخ التسجيل :  Oct 2011
 أخر زيارة : 28-03-2024 (04:27 PM)
 المشاركات : 48,582 [ + ]
 التقييم :  2147483647
 الدولهـ
Kuwait
 الجنس ~
Female
 MMS ~
MMS ~
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي رد: الموبايل جامع القرية المعولمة



الله يعطيك العافية ويسلم يديك دمت برعاية الله وحفظه


 
 توقيع : مُزُنْ
[CENTER]


رد مع اقتباس
قديم 03-11-2018, 02:05 PM   #4
الغارس
~¦ رغد مميز ¦~


الصورة الرمزية الغارس
الغارس غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 2180
 تاريخ التسجيل :  May 2018
 أخر زيارة : 01-02-2024 (03:21 PM)
 المشاركات : 6,884 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي رد: الموبايل جامع القرية المعولمة



كل الشكر لكرم المرور على الموضوع
جنون انثى






 


رد مع اقتباس
قديم 03-11-2018, 02:05 PM   #5
الغارس
~¦ رغد مميز ¦~


الصورة الرمزية الغارس
الغارس غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 2180
 تاريخ التسجيل :  May 2018
 أخر زيارة : 01-02-2024 (03:21 PM)
 المشاركات : 6,884 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي رد: الموبايل جامع القرية المعولمة



كل الشكر لكرم المرور على الموضوع


مزن




 


رد مع اقتباس
قديم 21-12-2018, 08:06 AM   #6
пαнεɔ



الصورة الرمزية пαнεɔ
пαнεɔ غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1579
 تاريخ التسجيل :  Aug 2014
 أخر زيارة : 28-03-2024 (06:50 PM)
 المشاركات : 51,132 [ + ]
 التقييم :  2147483647
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي رد: الموبايل جامع القرية المعولمة



الله يعطيك العافيه .. لاعدمناك


 
 توقيع : пαнεɔ
|



|


رد مع اقتباس

اضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
المعولمة, الموبايل, القرحة, جامع

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
الموبايل وحاجاتنا السلوكية والثقافية الغارس قطآف عآمه / مآذآ : يُحكَى سلَفآ ‘ 6 29-11-2018 08:56 AM
جلاكسي نوت 8 وصدمة من شركة سامسونج المصنعة لمرتقبي الموبايل الجديد пαнεɔ - صَخب آلجوآل 1 23-08-2017 01:58 PM
التحديث القادم لجوجل على الموبايل يعتمد على السرعة пαнεɔ - صَخب آلجوآل 2 04-06-2016 09:05 AM
جامع الزويد في بريدة ليلة 27 .. ب صلاة التراويح مَرٿ س̭نھہ - آلبوم آلصور _لوحآت ‘ 6 04-09-2012 12:58 AM
جامع الشرائع يعاني الإهمال رغم جمع أوقافه سنوياً مَرٿ س̭نھہ قطآف عآمه / مآذآ : يُحكَى سلَفآ ‘ 0 30-07-2012 06:04 PM

RSS RSS 2.0 XML MAP HTML

الساعة الآن 09:53 PM

أقسام المنتدى

. , وطن مختلف ♪ @ مَن عَرف ربهُ ، رأي كُل مافي الحياة جميلاً ♪ @ - روحآنيةة مُسلم ومِسًـلَمِة ,صَوتيآتْ إسلآمية @ ؤ. . رجل بِ كآريزمآ ♪ آنثى رقيقه ♪ @ - آلمطبخ والمآكولآت آلشهيه ‘ @ - آلعيآده آلصحيّه و مآئدة آلرشآقه ، @ - صَخب آلجوآل @ . . اِسترخاء بلون آخر ♪ @ - آلبوم آلصور _لوحآت ‘ @ منتدى العرب المسافرون @ - - ضجةة . . آلآقسآم آلتقنيه ♪ @ هنآ . . خلف الكوآليس ♪ @ ) خآرج آلآقوآس ( @ | لمن يهمه آلآمر | @ الأخبار القرارات الإدارية @ - هنآ حيثُ يسكننآ آلهدوءْ ‘ مدونتي @ - آزيآء وآنآقه ‘عطورهآ bath&body @ _ الحياة الأسرية والأجتماعية @ | نقطة وصل | @ _ الكمبيوتر والبرامج @ - آلعنآيه بآلبشره والشعر | skin care_ Hair care @ _ التوحيد والقرآن الكريم وتفسيره @ -خَلفيآت وَ رَمزيآتَ Social Media @ - آلديكور وتآثيث آلمنزلَ ‘ @ . , الاقسام العامة ♪ @ - بصمآت طُبعت لِ آلذكَرى ‘ @ قطآف عآمه / مآذآ : يُحكَى سلَفآ ‘ @ - النقاش والحوار / تطويرالذات ‘ @ - ورقَه وَمحبره ‘ @ نٌزَفُ آلَمِدُآدُ @ ٱلسًيّرة ٱلنٌبّوِيّة وِتُرٱجَم ٱلعلمٱء والحديث @ التعليم العام وآلمكَتبه وكلّ لغآت آلعآلم ‘ @ آنآقة آدم ‘ @ - عالم السيارات ‘ @ جدآئل من آلآبدآع ♪ @