تذكرنــي
التعليمـــات التقويم البحث مشاركات اليوم اجعل كافة الأقسام مقروءة


        
        




اضافة رد

 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع

قديم 28-12-2015, 01:22 AM   #1
بدوره



الصورة الرمزية بدوره
بدوره غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1664
 تاريخ التسجيل :  Apr 2015
 أخر زيارة : 21-02-2016 (04:31 PM)
 المشاركات : 27 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي وقفات مع آيات في طلب العلم وأثره



🌿🌿✏وقفات مع آيات في طلب العلم وأثره :
اﻷستاذة : أسماء الشميري

بِسْم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

📌أولاً أرحب بكن امتثالاً لوصية النبي - صلى الله عليه وسلم - حيث قال لصحابته (سيأتكم أقوام يطلبون العلم ، فإذا رأيتموهم فقولوا لهم مرحباً بوصية رسول الله
صلى الله عليه وسلم وأفتوهم ) فمرحبا بوصية رسول الله صلى الله عليه وسلم .
🔹سوف نقف مع آيات عظيمات في كتاب الله عز وجل تبين لنا أثر هذا العلم وأهميته في حياتنا .
قبل أن نبدأ في الآيات نذكر أنفسنا بحديث النبي صلى الله عليه وسلم الذي يقول فيه : (ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه
بينهم إلا حفتهم الملائكة وغشيتهم الرحمة وتنزلت عليهم السكينة وذكرهم الله فيمن عنده ) فنسأل الله سبحانه وتعالى أن يكتب لنا من هذا المجلس أو من هذا الحديث الحظ والنصيب .

✏أولا : الآية 122 من سورة الأنعام :
يقول الله سبحانه وتعالى :{ أو من كان ميتاً فأحييناه وجعلنا له نوراً يمشي به في الناس كمن مثله في الظلمات ليس بخارجٍ منها كذلك زين للكافرين ما
كانوا يعملون }
هذه الآية ، ما علاقتها بالعلم وأثره ؟ يقول الشيخ السعدي رحمه الله في تفسير هذه الآية : يقول رحمه الله { أو من كان } من قبل هداية الله له { ميتاً } في ظلمات الكفر والجهل والمعاصي ، الآية { أو من كان ميتاً فأحييناه وجعلنا له نوراً يمشي به في الناس } فهنا يقول الشيخ : أنه كان ميتا ، كان من قبل هداية الله له ميتا في ظلمات الكفر والجهل والمعاصي {فأحييناه } أي : فأحياه الله سبحانه وتعالى قال :{ فأحييناه} بنور العلم والإيمان والطاعة ، اذن هذا علاقتها بالعلم أن الإنسان في جهل كالميت ، الإنسان في الجهل وبدون العلم كالميت بنص هذه الآية { أو من كان ميتاً فأحييناه } إذن كان ميتاً في ظلمات الكفر والجهل والمعاصي ، الكفر هذا موت والجهل موت والمعاصي كذلك موت ، فأحياه الله سبحانه وتعالى وهداه ، أحياه بنور العلم ونور الإيمان ونور الطاعة . يقول : فصار يمشي بين الناس في النور متبصراً في أموره مهتدياً لسبيله عارفاً للخير مؤثراً له ،انظري كيف نور العلم قال : عارفاً للخير مؤثراً له مجتهداً في تنفيذه في نفسه وغيره. تأملي علاقة هذه الأوصاف التي ذكرها الشيخ بنور العلم والإيمان والطاعة أي أن هذا الإنسان الذي كان ميتاً فأحياه الله بنور العلم والإيمان والطاعة يصبح يمشي بين الناس متبصراً في أموره مهتدياً في سبيله عارفاً للخير، هذا العلم ، يعرف الخير من الشر مؤثراً له ، يعني يقدم الخير على ما سواه ، يقدم رضا الله سبحانه وتعالى على غيرها. قال مجتهداً ، طبعاً عارفاً للخير هذا إشارة للعلم ، عنده علم ، ثم قال مؤثراً له. متى الإنسان يؤثر ما يحب الله سبحانه وتعالى على ما يحب هو؟ لما يكون في إيمان ، هذا الإيمان بالله وبما عندالله سبحانه وتعالى وبوعد الله سبحانه وتعالى يجعله يؤثر الخير على غيره ، يؤثر الخير الذي عرفه ويقدم طاعة الله ويقدم رضا الله سبحانه وتعالى على ما سوى ذلك. قال : عارفاً للخير مؤثراً له مجتهداً في تنفيذه في نفسه وغيره ، هذه إشارة للطاعة ، أن عنده علم صحيح ، العلم الصحيح زاده إيماناً وجعله يقدم طاعة الله على طاعة غيره ورضا الله على رضا غيره وهذا جعله يزداد طاعة لله سبحانه وتعالى فيجتهد في تنفيذ شرع الله عز وجل ، والخير الذي تعلمه في نفسه وغيره ،عارفاً بالشر مبغضاً له مجتهداً في تركه وإزالته عن نفسه وعن غيره . هذا الذي كان ميتاً فأحياه الله سبحانه وتعالى بهذا النور ، نور العلم والإيمان والطاعة .
📌 ثم يقول الله { أو من كان ميتاً فأحييناه وجعلنا له نوراً يمشي به في الناس كمن مثله في الظلمات ليس بخارج منها } أفيستوي هذا الذي كان ميتا فأحياه الله بمن هو في الظلمات ظلمات الجهل والغي والكفر والمعاصي ؟ أكيد أنهما لا يستويان ليس هذا الصاحب الذي في الظلمات { ليس بخارج منها } يعني قد علق في هذه الظلمات المتراكمات فلا يستطيع الخروج منها ، ليس بخارج منها قد التبست عليه الطرق وأظلمت عليه المسالك فحضره الهم والغم والحزن والشقاء . اذن هل يستوي صورة ذاك الأول بصورة الثاني ؟ أكيد أنهم لا يستون فنبه تعالى العقول بما تدركه وتعرفه أنه لا يستوي هذا ولا هذا كما لا يستوي الليل والنهار والضياء والظلمة والأحياء والأموات فإذن هذه الآية الأولى التي تدلنا على أن العلم حياة ونور وأن الذي ينعم سبحانه وتعالى عليه بالعلم وأقصد بالعلم العلم الصحيح ، العلم الصحيح : العلم بالله وبدين الله وبرسول الله – صلى الله عليه وسلم - أن نعرف هذه الثلاث الأصول التي سنسأل عنها في قبرنا ، فنعرف ربنا سبحانه وتعالى ونعرف ديننا بأدلته ونعرف نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم- وسنته ، هذا العلم الله سبحانه وتعالى بين أن أثره على صاحبه كما لو كان صاحبه قبل هذا العلم ميتاً فأحياه الله سبحانه وتعالى وجعل له نورا يمشي به في الناس، أي : أن الناس يتخبطون في الظلمة ، أما هو فقد أنعم الله سبحانه وتعالى بالعلم فصار يبصر طريقه مهتدياً متبصراً في أموره سائراً إلى الله سبحانه وتعالى على علم وبصيرة .
📌 انظري ماذا يقول ابن القيم رحمه الله : يقول رحمه الله : تحت قول الله سبحانه وتعالى { شهد الله أنه لا إله إلا هو } ذكر تحتها عدة أوجه تبين أهمية العلم ، قال الوجه الثاني والثلاثون تعليقاً على هذه الآية التي تدارسناها: يقول : إن العلم حياة ونور ، يعني من فضل العلم ومما يبين أهمية العلم وشرف العلم ، يقول : إن العلم حياة ونور ..والجهل موت وظلمة والشر كله سببه عدم الحياة والنور والخير كله سببه النور والحياة -- سبحان الله - ، فإن النور يكشف عن حقائق الأشياء ويبين مراتبها والحياة هي المصححة لصفات الكمال والموجبة لتسديد الأقوال والأعمال ، هو الآن يقول في الآية : لماذا قال الله ميتا فأحييناه وجعلنا له نورا ، لماذا الحياة والنور ؟ قال لك إن أصل الخير كله من الحياة والنور وأصل الشر كله من الموت والظلمة ، قال : فإن النور يكشف عن حقائق الأشياء ويبين مراتبها والحياة هي المصححة لصفات الكمال والموجبة لتسديد الأقوال والأعمال يعني الإنسان إن كان عنده نور وإن كان عنده حياة فيجعله ذلك يستطيع أن يصحح صفات الكمال في نفسه ويسدد أقواله وأعماله ، فكل ما تصرف من الحياة فهو خير كله ، كالحياء الذي سببه كمال حياة القلب وتصوره حقيقة القبح ونفرته منه وضده الوقاحة والفحش وسببه موت القلب وعدم نفرته من القبيح وكالحيا الذي هو المطر الذي به حياة كل شئ . اذن يقول لك إن الحياة وكل ما اشتق منها خير ثم قال : قال تعالى : {أو من كان ميتاً فأحييناه } وهذا الكلام أيضاً لابن القيم في مفتاح دار السعادة في نفس الموطن يقول { أو من كان ميتاً فأحييناه وجعلنا له نورا يمشي بها في الناس كمن مثله في الظلمات ليس بخارج منها } كان ميتاً بالجهل قلبه ، فأحياه بالعلم وجعل له من الإيمان نورا يمشي به في الناس .
كيف يعني أن هذا الإنسان عنده نور يمشي به في الناس ، يعني أن هذا الإنسان في حياته الناس يمرون ، كل الناس تمر في حياتها بمواقف عديدة . فالإنسان الذي ليس عنده هذا العلم وهذه الحياة وهذا النور يتخبط في هذا ، كذاك الشخص الذي يسير في الظلمة يصطدم تارة بشئ وتارة يقع في حفرة وتارة يقع على شئ مؤذي وهكذا يتخبط فيوقع نفسه في الأذى ، لكن الشخص الذي يسير في النور يرى الطريق السليم الآمنه فيسلكها ويرى الطريق الذي فيه ما يؤذيه فيجتنبها فهو يرى ما ينفعه فيفعله ، كذلك في السير إلى الله سبحانه وتعالى أنت في طريق سيرك إلى الله سبحانه وتعالى تواجهين الكثير، تواجهين في طريقك الكثير فالذي جعل الله سبحانه وتعالى له نورا يمشي به في الناس يعرف الحق فيتبعه ، يعرف السنة فيأتيها يعرف ما حرم الله سبحانه وتعالى فيجتنبه فهو يمشي به في الناس ، عنده هذا النور يمشي به في الناس وكذلك يعرف كيف يتعامل مع عباد الله - سبحانه وتعالى - وكيف المنهج الصحيح في التعامل معهم كما بين الله سبحانه وتعالى ، فإذن له نورٌ يمشي به في الناس وليس كمثل ذاك الذي باقٍ في الظلمة ليس بخارج منها.
وأنت كلما من الله عليك بعلم وكلما ازددت علماً سترين أثر هذا العلم وأثر هذا النور وأثر هذه الحياة التي يقذفها الله سبحانه وتعالى في قلبك ، سترين أثرها في نفسك ، سترين أثرها في نفسك في تعاملك مع الله سبحانه وتعالى وفي علاقتك بربك سبحانه وتعالى ، سترين أثر هذا النور في تعاملك مع الخلق ، مع زوجك مع أولادك مع والديك مع كل من حولك ، سوف ترين كيف أنه سبحانه وتعالى فعلاً يجعل لك نوراً تمشين به في الناس بل ستشفقين على أولئك المساكين الذين ما زالوا في الظلمات ليسوا بخارجين منها وما زالوا يتخبطون في ظلمات الكفر وفي ظلمات الجهل وفي ظلمات المعاصي وسيجعلك ذلك أكثر استشعاراً بنعمة الله - سبحانه وتعالى- يعني يُفترض أنه يجعلك ذلك أكثر استشعاراً لنعمة الله سبحانه وتعالى عليك ، أكثر ذلاً وانكساراً لله سبحانه وتعالى يعني يزيدك من فضله ..
شبه الهدى الذي أنزله الله من السماء بهذا الماء الذي أنزله إلى الأرض .لماذا شبه الهدى بالماء ؟ بسبب النفع العام الضروري ، كلاهما العلم والماء فيه نفع وهذا النفع عام وضروري يحتاجه كل أحد ، وشبه القلوب حامله للهدى يعني هذا العلم الذي أنزله الله على نبيه علم الكتاب والسنة الوحي إنما يقع في القلوب ، القلوب هي الأوعية التي تحمل هذا العلم ، هذا العلم يقع في القلوب فإذن شبه القلوب وتفاوتها ، ليس كلها تتلقى هذا العلم وتتلقى هذا الهدى وتتلقى هذا الخير بنفس الطريقة وبنفس الدرجة وإنما تتفاوت، فقال لكِ فسالت أودية بقدرها يعني كل وادي سال واحتمل من الماء بحسب ما يتسع له فكذلك ماذا ؟ كذلك هذه القلوب كل قلب يتسع من العلم أو يحمل من العلم بقدر ما يتسع له ، هذا فيه إشارة إلى النفع يا طالب العلم ، يا طالب العلم إن أردت أن تنتفع بعلمك نظف الإناء الذي ستضع فيه هذا العلم ، العلم الشرعي يصب في القلب معناها إني أريد أن أنتفع بالعلم الشرعي ، معناها إني لا بد أن أنظف هذا الإناء الذي أريد أن أضع فيه هذا العلم لو أن عندك كوب وهذا الكوب متسخ وتريدين أن تضعي فيه ماءً أو عصيراً أو شاياً أو غير ذلك هل يمكن أن تضعي أو تنتفعي بما تضعينه في هذا الكوب والكوب متسخ ؟ لا ، لا يمكن لا بد أن أنظف الكوب أولاً أنظف المحل أولاً ثم أضع فيه ما أريد وبالتالي أنتفع به أما لو وضعته على ما فيه من وسخ وقذر فلن أستطيع أن أنتفع بهذا الماء أو هذا العصير أو هذا الشئ الذي وضعته في هذا الكوب ، كذلك أنت يا طالب العلم ، العلم نور من الله سبحانه وتعالى والعلم كالمطر والعلم هذا إنما يصب ويورث في القلب فلا بد من تطهير القلب وتنظيفه وإعداده ليكون محلاً فاضلاً لتلقي هذا العلم فيتسع من العلم بقدر ما أعده صاحبه ، بقدر ما هيأه الله سبحانه وتعالى .
بقيت مسألة الزبد الذي يطفو على وجه أو في جنبات السيل ، ما حكاية الزبد هذا في القلوب ؟ يقول وشبه ما يكون في القلوب من الشهوات والشبهات عند وصول الحق إليها بالزبد الذي يعلو الماء ويعلو ما يوقد عليه النار من الحلية التي يراد تخليصها وسبكها ، اذن الزبد هذا هو تشبيه بماذا ؟ صورة الأشياء التي تكون في القلب ، القلب يأتي الآن الإنسان يصب فيه العلم ويكون في هذا القلب أمراض قلبية خطيرة رياء عُجب كبر حسد غل سوء ظن بالناس سوء ظن بالله سبحانه وتعالى جهل إلى غير ذلك من الأمور التي تكون في القلب فهذه ما يكون في القلوب من الشهوات والشبهات ، لما يصل الحق إليها يحصل منها كما يحصل لذاك الزبد الذي كان في قاع الوادي ، ذاك الزبد ماذا حصل لما أتى الماء ؟ أظهر تلك الأشياء التي كانت في قاع الوادي ، أظهرها إلى السطح ، صارت ظاهرة ثم لا يزال صاحبه يملأ ، يملأ هذا الوادي حتى فاضت كلها عن جنبات الوادي وبقي الماء فيه نظيفاً طاهراً فكذلك القلب ، شبه ما يكون في القلوب من الشهوات والشبهات عند وصول الحق إليها بالزبد الذي يعلو الماء ويعلو ما يوقد عليه في النار من الحلية التي يراد تخليصها وسبكها وأنها لا تزال فوق الماء طافية مكدرة له حتى تذهب وتضمحل ويبقى ما ينفع الناس من الماء الصافي والحلية الخالصة .إذن هذا من فضل الله عز وجل ومن كريم منته أن جعل هذا العلم الذي هو علم الكتاب والسنة سببٌ لتخليص القلوب من أكدارها وشوائبها لكن تأملي لما يكون الإنسان قبل العلم يكون في قلبه أمراض وأشياء من الأمور التي لا ترضي الله سبحانه وتعالى لكنه يكون غافلاً عنها لا يراها كما أن ذاك الوادي قبل نزول المطر كان فيه أوساخ وقاذورات لكن لم تكن تُرى لم تكن ظاهرة كذلك الإنسان فلما يبدأ يتعلم ويصب هذا العلم في قلبه يُظهر الله سبحانه وتعالى له هذه الأمراض وهذه الأشياء التي في قلبه وهذه الأمور السيئة التي في قلبه فلما يظهرها الله سبحانه وتعالى له ، على الإنسان أن يستعين بالله سبحانه وتعالى ويستمر في صب هذا العلم في قلبه ، يستمر في صب هذا العلم في قلبه لماذا ؟ لأنه بهذه الطريقة سيخلص قلبه مما فيه من الشوائب لكن لو توقف ، لو توقف ستبقى هذه الأمور بدون علاج وهذه مشكلة .. يقول : كذلك الشبهات والشهوات لا يزال القلب يكرهها ويجاهدها بالبراهين الصادقة والإرادات الجازمة حتى تذهب وتضمحل ويبقى القلب خالصاً صافياً ليس فيه إلا ما ينفع الناس من العلم بالحق وإيثاره والرغبة فيه ، فالباطل يذهب ويمحقه الحق { إن الباطل كان زهوقا } وقال هنا : { كذلك يضرب الله الأمثال } ليتضح الحق من الباطل والهدى من الضلال ، إذن هذا مثل ضربه الله ليتضح الحق من الباطل والهدى من الضلال وأن الحق هو الذي يبقى وما ينفع الناس وهو الذي يبقى وأما الزبد فإنه يذهب جفاء .

اﻵية الثانية : اﻵية 17 من سورة الرعد :

📌تأملي معي جيداً لهذا المثل الذي يضربه الله - سبحانه وتعالى - في هذه الآية يقول : { أنزل من السماء ماءً فسالت أودية بقدرها فاحتمل السيل زبداً رابيا ومما يوقدون عليه في النار ابتغاء حلية أو متاع زبد مثله كذلك يضرب الله الحق والباطل فأما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض كذلك يضرب الله الأمثال } 📌 أنبه إن الله - سبحانه وتعالى- في كتابه إنما يضرب الأمثال على المعاني العظيمة ، إنما يضرب الأمثال يعني لما يذكر لك مثل شئ معنوي يترجمه بصورة حسية إنما يكون ذلك للأمور العظيمة التي يُراد تقريبها للأذهان لنفهمها ونعقلها وفي الأمثال يقول الله سبحانه وتعالى { وتلك الأمثال نضربها للناس وما يعقلها إلا العالمون } فالعالمون بالله سبحانه وتعالى : هم الذين يعقلون عن الله ويفهمون عنه هذه الأمثال وكان بعض السلف إذا قرأ مثلاً في كتاب الله - عز وجل - ولم يفهمه يحزن على نفسه كثيراً ويخشى أن يكون ممن قال الله فيهم { يضل به كثيرا ويهدي به كثيرا } أي أن الأمثال سبب لهداية الناس و كذلك إذا لم يفهمها الإنسان على وجهها لم يفهم المقصود منها وقد يكون ذلك سبب في حرمانه من الهداية بل قد يكون يقول { ماذا أراد الله بهذا مثلا ) .
📌 الآية فيها مثلين هذين المثلين يبينان لك أهمية العلم وأثره في القلب ، يقول الله سبحانه وتعالى الآية السابعة عشرة من سورة الرعد { أنزل من السماء ماء فسالت أودية بقدرها فاحتمل السيل زبداً رابيا ومما يوقدون عليه في النار ابتغاء حلية أو متاع زبد مثله كذلك يضرب الله الحق والباطل فأما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض كذلك يضرب الله الأمثال } أعطيك صورة إجمالا عن هذا المثل ، يقول الله سبحانه وتعالى أنزل من السماء ماء ، هذه صورة حسية مثل لصورة حسية مشاهدة بالعين هذه الصورة الحسية يقول : تخيلي الآن معي أنزل من السماء ماءً يعني مطر ينزل من السماء ،أنزله الله سبحانه وتعالى ،ثم هذا المطر من غزارته نزل على الأودية وما زال المطر هذا غزيراً حتى امتلأت هذه الأودية وسالت فيها السيول من كثرة هذا الماء الذي أنزله الله - سبحانه وتعالى- من السماء، هذه الأودية التي سال فيها السيول كل وادٍ امتلأ بالماء فسال بعد أن امتلأ والأودية تختلف حجمها، فوادٍ كبير يسع ماءً كثيرا فلما امتلأ هذا الوادي الكبير بدأ يسيل ، ووادٍ صغير يسع ماءً قليلا ، فلما امتلأ بهذا الماء بدأ يسيل و لاحظي أيضاً هذه الأودية قبل نزول الماء عليها كان فيها شوائب وكان فيها أوساخ وكان فيها أمور في قاع الوادي ،لما أتى هذا المطر فامتلأت هذه الأودية ماذا حصل للشوائب والأوساخ والأقذار التي كانت في قاع الوادي ؟ ظهرت كلها على السطح ، إذن السيل يحمل معه هذه الأشياء التي تكون في الطريق وهي الزبد ، الزبد :عبارة عن ما يعلو الماء من الرغوة ومن الأوساخ ومن الأشياء ومن الأوراق ومن القاذورات ، هذه الأشياء كانت موجودة في الوادي لكن لم تكن ظاهرة .
📌 كان الناس ينظرون للوادي وما يلاحظوا مثل هذه الأشياء لكن لما أتى الماء وصُب في هذا الوادي فامتلأ الوادي بهذا الماء ظهرت هذه الأشياء التي في القاع وظهرت إلى السطح ، لما ظهرت إلى السطح هذه الأشياء ، هل الماء هو الذي أتى بها ؟ لا وإنما الماء أظهرها من قاع الوادي إلى السطح ، لما ظهرت هذه الشوائب وهذه الأكدار وهذا الزبد ماذا حصل ؟ لا يزال الماء يصب في الوادي ولا تزال هذه الأقذار وهذا الزبد يتجمع على سطح الماء ولا يزال الماء يزداد صباً في هذا الوادي حتى يصبح هذا الزبد في حواف الوادي في حافة الوادي ثم شيئاً فشيئاً مع كثرة الماء يسيل ويتساقط عن جنبات الوادي فماذا يبقى في نهاية الوادي ؟ يبقى { فأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض } وأما الزبد هذا الذي ظهر على السطح ماذا يحصل له ؟ { فأما الزبد فيذهب جفاء } أي يذهب هباء لا فائدة منه ، يذهب لكن الذي ينفع الناس الماء الصافي النقي هو الذي يبقى في هذا الوادي لما ظهرت إلى السطح ، هل الماء هو الذي أتى به ؟ لا ، وإنما الماء أظهرها من قاع الوادي إلى السطح ، لما ظهرت هذه الشوائب وهذه الأكدار وهذا الزبد ، ماذا حصل ؟ لا يزال الماء يصب في الوادي ولا تزال هذه الأقذار وهذا الزبد تجمع عل سطح الماء ولا يزال الماء يزداد صباً في هذا الوادي حتى يصبح هذا الزبد في حافة الوادي ثم شيئاً فشيئاً مع كثرة الماء تجدينه يسيل ويتساقط عن جنبات الوادي فماذا يبقى في نهاية الوادي ؟ يبقى { وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض } وأما الزبد هذا الذي ظهر على السطح ماذا يحصل له ؟ { فأما الزبد فيذهب جفاء }أي يذهب هباءً لا فائدة منه ، يذهب لكن الذي ينفع الناس الماء الصافي النقي هو الذي يبقى في هذا الوادي ، هذا الشق من المثل . هذا الشق الأول من المثل نستطيع أن نقول أنه المثل المائي .
📌الشق الثاني من المثل في نفس الآية، قال { ومما يوقدون عليه في النار ابتغاء حلية أو متاع زبد مثله } يعني صورة أخرى تشبه هذه وهو لما يريد الناس أن يتخذوا الحلية من الذهب مثلاً ، الذهب كيف يحصلون عليه أصلاً ؟ يجدون نسبة من الذهب مختلطة بمعادن أخرى في الصخور في بعض الصخور في المناجم التي يوجد فيها نسبة من الذهب ، كيف ينقون هذا الذهب من بين الشوائب الأخرى والمعادن المختلطة به ؟ يأخذون هذه الكتل التي وجدوها ، وجدوا فيها نسبة من الذهب وجدوا فيها معادن أخرى ماذا يفعلون بها ؟ يضعونها في بوتقة ، هذه البوتقة إناء خاص لصهر الذهب وهذه المعادن ماذا يحصل لها ؟ يعرضونها لنار شديدة جدا ولمدة من الوقت حتى تنصهر هذه المعادن كلها . سبحان الله يحصل مع الذهب كما يحصل مع السيل والماء الذي كان في الوادي ، الذهب الصافي الخالص يبقى في الأسفل بينما المعادن الأخرى التي هي مثل الزبد في ذلك السيل تطفو في الأعلى ماذا يفعل الصائغ ؟ يذهب ذاك السيل ذاك الزبد الذي ظهر في الأعلى ويبقي الذهب صافياً نقياً نفس الصورة التي في السيل .
❓❓سؤال مهم : بعد أن اتضح لك المثال الآن الصورة الحسية ما علاقة هذا بالعلم ؟ الشيخ السعدي رحمه الله يقول : شبه تعالى الهدى الذي أنزله على رسوله لحياة القلوب والأرواح بالماء الذي أنزله لحياة الأشباح والأشباح المقصود بها الأبدان ، الأجسام . إذن أول نقطة هذا الماء الذي أنزله الله سبحانه وتعالى على هذه الأودية ، هذا الماء هو العلم الذي أنزله الله سبحانه وتعالى والهدى الذي أنزله الله سبحانه وتعالى من السماء ، ما هو الهدى الذي أنزله الله من السماء ؟ الوحي ، القرآن والسنة كلاهما وحي نزل من عند الله سبحانه وتعالى ، إذن ذكر الصورة الحسية المطر الذي نزل على الوادي هو ماذا ؟ هو هذا العلم الذي أنزله الله سبحانه وتعالى من السماء في الأودية ، يقول : وشبه ما في الهدى من النفع العام الكثير الذي يضطر إليه العباد بما في المطر من النفع العام الضروري .
📌إذن لماذا شبه الهدى الذي أنزله من السماء بالمطر ❓ قال : بسبب جامع يجمع بينهما وهو أن كلاهما فيه نفع وعام وضروري ، نفع أي أنه نافع وعام يعني : لا يخص أحد وإنما يعم كل من وصله هذا الهدى وضروري : يعني يحتاج إليه الإنسان ، فكما أنه يحتاج للماء كذلك يحتاج لهذا الوحي الذي أنزله الله سبحانه وتعالى ، قال وشبه القلوب الحاملة للهدى وتفاوتها بالأودية التي تسيل فيها السيول ، شبه تعالى القلوب الحاملة للهدى وتفاوتها بالأودية التي تسيل فيها السيول ، فوادٍ كبير يسع ماءً كثيرا كقلب كبير يسع علماً كثيرا ووادٍ صغير يأخذ ماءً قليلا كقلب صغير يسع علماً قليلاً وهكذا . إذن مرة أخرى الله سبحانه وتعالى قال { أنزل من السماء ماء فسالت أودية بقدرها } أنزل من السماء ماء ، قلنا هذا الماء هو ماذا ؟ الوحي الذي أنزله الله سبحانه وتعالى على رسوله صلى الله عليه وسلم وهذه الآية تشبه كثيراً حديث النبي صلى الله عليه وسلم الذي يقول فيه ( مثل ما بعثني الله به من الهدى والعلم كمثل غيث أصاب أرضاً ) فبين أن الله سبحانه وتعالى الوحي الذي آتاه النبي صلى الله عليه وسلم مثل الغيث يصيب اﻷرض ثم قسم هذه اﻷرضين إلى أنواع .
✏ المثال الثالث : سورة إبراهيم من الآية أربع وعشرين إلى الآية سته وعشرين :
📌 يقول الله سبحانه وتعالى في سورة إبراهيم الآية أربع وعشرين { ألم تر كيف ضرب الله مثلا كلمة طيبة كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها ويضرب الله الأمثال للناس لعلهم يتذكرون ومثل كلمة خبيثة كشجرة خبيثة اجتثت من فوق الأرض ما لها من قرار } تأملي في هذه الآية { ألم تر كيف ضرب الله مثلا كلمة طيبة كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء } تعالي نفهم المثل ونفهم ما علاقته بالعلم ؟ أولاً الصورة الحسية التي ذُكرت لنا وضُربت مثلا هي شجرة . الله سبحانه وتعالى وصفها لنا بأنها شجرة طيبة هذه الشجرة الطيبة أصلها ثابت يعني جذرها ثابت وغائر في الأرض لا يهزها شئ ومع ذلك هي عالية جدا جذعها وفروعها عالية جدا في السماء وهذه الشجرة الطيبة قال :{ تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها} أي : أنها تثمر في كل وقت بإذن الله - سبحانه وتعالى - هذه الشجرة الطيبة يقول العلماء أنها النخلة ، النخلة أصلها ثابت وجذورها غائرة جداً وجذعها قوي جداً لا يؤثر فيه شئ ، لا تؤثر فيها رياح ولا تؤثر فيها الأمطار ولا تؤثر فيها العواصف كبقية الأشجار وفرعها في السماء وهي تؤتي أكلها كل حينٍ بإذن ربها فينتفع من ثمرالتمر طوال العام ، يُنتفع منه تمراً ورطباً يُنتفع منه وهو رطب وهو يابس يُنتفع منه بكل صوره وهذا يشبه حديث النبي صلى الله عليه وسلم (شجرة تشبه المؤمن )، لما سأل الصحابة ما هي شجرة تشبه المؤمن فكان ابن عمر قال : إنها النخلة .
❓❓ما المقصود بالكلمة الطيبة ولماذا شبُهت بهذه الشجرة الطيبة ❓يقول الشيخ رحمه الله { ألم تر كيف ضرب الله مثلا كلمة طيبة } يقول وهي شهادة أن لا إله إلا الله وفروعها ، الكلمة الطيبة المقصود بها : كلمة التوحيد لا إله إلا الله وفروعها أي ما ينتج عنها من عبادات ومن أقوال ومن أمور . إذن كلمة لا إله إلا الله وفروعها هي هذه الكلمة الطيبة. مثلها بماذا ؟ قال : كشجرة طيبة وهي النخلة أصلها ثابت في الأرض وفرعها منتشرٌ في السماء وهي كثيرة النفع دائماً تؤتي أكلها أي ثمرتها كل حينٍ بإذن ربها فكذلك شجرة الإيمان ، شجرة الإيمان أصلها ثابت في قلب المؤمن علماً واعتقاداً وفرعها من الكلم الطيب والعمل الصالح في السماء وفرعها من الكلم الطيب والعمل الصالح والأخلاق المرضية والآداب الحسنة في السماء دائماً ، كيف أن هذه الأشياء هي ثمار كلمة التوحيد ، قال : هذه الكلمة الطيبة أصلها ثابت في القلب وفرعها في السماء وتؤتي أكلها ، قال : وفرعها من الكلم الطيب والعمل الصالح هذه كلها فروع وأشياء تتفرع من شجرة الإيمان في القلب .
📌الكلم الطيب والعمل الصالح ، الكلم الطيب والعمل الصالح والأخلاق المرضية والآداب الحسنة كل هذا ماذا ؟ في السماء أي : أنه يصعد إلى الله من الأعمال والأقوال التي تخرجها شجرة الإيمان ما ينتفع به المؤمن وينفع غيره { ويضرب الله الأمثال للناس لعلهم يتذكرون } يتذكرون ماذا ؟ يتذكرون ما أمرهم به ونهاهم عنه فإن في ضرب الأمثال تقريباً للمعاني المعقولة من الأمثال المحسوسة ، يعني لماذا يضرب الله لنا الأمثال في القرآن ؟ تقريباً للمعاني المعقولة أي التي ُتدرك بالعقل تقريباً لها من الأشياء المحسوسة ويتبين المعنى الذي أراده الله غاية البيان ويتضح غاية الوضوح وهذا من رحمته وحُسن تعليمه ، فلله أتم الحمد وأكمله وأعمه فهذه صفة كلمة التوحيد وثباتها في قلب المؤمن .

📌الكلمة الطيبة هي كلمة التوحيد وهذه الشجرة المقصود بها ما تنتج هذه الكلمة شجرة اﻹيمان لهذه اﻷمور التي هي بلا إله إلا الله وبلوازمها ومقتضياتها هذه تكون كالشجرة تبدأ بذرة صغيرة في قلب هذا الإنسان ولا يزال يتعاهدها بالسقيا ويحوطها من كل ما يؤذيها حتى تُصبح شجرة عظيمة أصلها ثابت وفرعها في السماء ، تصبح شجرة يستظل بظلها ويأكل من ثمرها ، كذلك الإيمان في القلب وكذلك الإخلاص والتوحيد في القلب يبدأ بذرة صغيرة ولا يزال شيئاً فشيئاً يسقيه صاحبه ، يسقيه بالماء الذي هو ماء الوحي ، يسقيه بالوحي عن الله ، بالوحي كلام الله وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم ، يسقيه بالعلم الصحيح الشرعي فهذه السقيا تفيد هذه النبتة الصغيرة حتى تصبح شجرة أصلها ثابت وفرعها في السماء ، هذه الشجرة كلمة التوحيد في القلب إن تعاهدها صاحبها أصبحت له بهذه المثابة فأنبتت فأظهرت كل فعل حسن وكل خلق طيب .
📌ابن القيم رحمه الله ذكر هذا المثل وذكر فيه كلاماً .. ما ذكره ابن القيم رحمه الله في هذا المثل وكيف ربط بين الشجرة وبين التوحيد ، وبين العلم وبين هذه الشجرة الطيبة . يقول : ومنها قوله تعالى { ألم تر كيف ضرب الله مثلا كلمة طيبة كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها ويضرب الله الأمثال للناس لعلهم يتذكرون } فشبه سبحانه الكلمة الطيبة بالشجرة الطيبة لأن الكلمة الطيبة تثمر العمل الصالح والشجرة الطيبة تثمرالثمر النافع إذن هذا من الأوجه ، أوجه الشبه لماذا شبه الكلمة الطيبة بالشجرة الطيبة ؟ كلاهما يثمر، كلاهما يثمر، فالشجرة الطيبة تثمر الثمر النافع والكلمة الطيبة تثمر العمل الصالح . قال : وهذا ظاهر على قول جمهور المفسرين الذين يقولون الكلمة الطيبة هي شهادة أن لا إله إلا الله فإنها تثمر جميع الأعمال الصالحة الظاهرة والباطنة .. فكل عمل صالح مرضي لله عز وجل ثمرة هذه الكلمة وفي تفسير علي بن أبي طلحة عن ابن عباس رضي الله عنه قال : كلمة طيبة شهادة أن لا إله إلا الله كشجرة طيبة وهو المؤمن أصلها ثابت قول لا إله إلا الله في قلب المؤمن وفرعها في السماء ، يقول : يرفع بها عمل المؤمن إلى السماء، وقال الربيع بن أنس : كلمة طيبة هذا مثل الإيمان والإيمان الشجرة الطيبة وأصلها الثابت الذي لا يزول الإخلاص فيه وفرعه في السماء خشية الله ، يقول والتشبيه على هذا القول أصح وأظهر وأحسن فإنه سبحانه شبه شجرة التوحيد في القلب بالشجرة الطيبة الثابتة الأصل الباسقة الفرع في السماء علوا التي لا تزال تؤتي ثمرتها كل حين ، وإذا تأملت هذا التشبيه رأيته مطابقاً لشجرة التوحيد الثابتة الراسخة في القلب التي فروعها من الأعمال الصالحة صاعدة إلى السماء .
📌يقول ابن القيم : ولا تزال هذه الشجرة تثمر الأعمال الصالحة كل وقت بحسب ثباتها في القلب ومحبة القلب لها وإخلاصه فيها ، يقول ولا تزال هذه الشجرة تثمر الأعمال الصالحة كل وقت بحسب ثباتها في القلب ومحبة القلب لها وإخلاصه فيها ، ومعرفتها بحقيقتها ولهذا نحن نقول العلم ، العلم هو الذي يعينك على تثبيت هذه الكلمة في قلبك كما ينبغي لماذا ؟ لأنه معرفة الأشياء بحقيقتها وكذلك هو السقيا التي تسقى بها هذه الشجرة ، قال: ومعرفته بحقيقتها وقيامه بحقها ومراعاتها حق رعايتها ، فمن رسخت هذه الكلمة في قلبه بحقيقتها التي هي حقيقتها يعني فهم لا إله إلا الله على الوجه الذي يرضي الله سبحانه وتعالى ، الوجه الذي أراده الله سبحانه وتعالى ، فمن رسخت هذه الكلمة في قلبه بحقيقتها التي هي حقيقتها واتصف قلبه بها وانصبغ بها بصبغة الله التي لا أحسن صبغة منها فيعرف حقيقة الهيئة التي يثبتها قلبه في الله ويشهد بها لسانه وتصدقها جوارحه ونفى تلك الحقيقة ولوازمها عن كل ما سوى الله عز وجل وواطأ قلبه لسانه في هذا النفي والإثبات وانقادت جوارحه لمن شهد له بالوحدانية طائعة سالكة سبل ربه ذللاً غير ناكبة عنها ولا باغية سواها بدلا كما لا يبتغي القلب سوى معبوده الحق بدلاً ، أي أن المؤمن لو عرف الله سبحانه وتعالى كما ينبغي وأثبت له من الصفات ما أثبته الله لنفسه وما أثبته له نبيه صلى الله عليه وسلم لأثمرت هذه الكلمة في قلبه فصار لا يبتغي سواها بدلاً كما لا يبتغي القلب سوى معبوده الحق بدلاً فلا ريب أن هذه الكلمة من هذا القلب على هذا اللسان لا تزال تؤتي ثمرتها من العمل الصالح الصاعد إلى الله كل وقت ، فهذه الكلمة هي التي رفعت هذا العمل الصالح إلى الرب تعالى وهذه الكلمة الطيبة تثمر كثيراً طيباً ، قال: كلما يقارنه عمل صالح فيرفع العمل الصالح الكلم الطيب، قال تعالى { إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه } فأخبر سبحانه أن العمل الصالح يرفع الكلم الطيب وأخبر أن الكلمة الطيبة تثمر لقائلها كل وقت عملاً صالحاً كل وقت والمقصود أن كلمة التوحيد إذا شهد المؤمن بها وهذا ما نريده إذا شهد المؤمن بها عارفا بمعناها وحقيقتها نفياً وإثباتاً متصفاً بموجبها قائماً بها قلبه ولسانه وجوارحه بشهادته فهذه الكلمة هي التي رفعت هذا العمل من هذا الشاهد أصلها ثبات راسخ في قلبه وفروعها متصلة بالسماء وهي مخرجة لثمرتها كل وقت .
📌يقول ابن القيم : "وفي هذا المثل من الأسرار والعلوم والمعارف ما يليق به ويقتضيه علم الذي تكلم به سبحانه فمن ذلك يعني من هذه الأسرار فمن ذلك أن الشجرة لا بد لها من عروق وساق وفروع وورق وثمر فكذلك شجرة الإيمان والإسلام ليطابق المشبه المشبه به فعروقها العلم والمعرفة واليقين وساقها إذن العروق عروق هذه شجرة الإيمان العلم والمعرفة واليقين وساقها الإخلاص وفروعها الأعمال وثمرتها ما توجبه الأعمال الصالحة من الآثار الحميدة والصفات الممدوحة والأخلاق الزكية والسمت الصالح والهدي والدل المرضي فيستدل على غرس هذه الشجرة في القلب وثبوتها فيه بهذه الأمور فإذا كان العلم صحيحا" وهذا ما نرجوه ونريده فإذا كان العلم صحيحا " مطابقا لمعلومه الذي أنزله الله كتابه به والاعتقاد مطابقا لما أخبر به عن نفسه وأخبرت به عنه رسله صلوات الله وسلامه عليهم والإخلاص قائم في القلب والأعمال موافقة للأمر والهدي والدل والسمت مشابه لهذه الأصول مناسب لها إذا كان كله أن شجرة الإيمان في القلب أصلها ثابت وفرعها في السماء ، الأمر بالعكس يعني الإخلاص ليس ثابتاً في القلب .الأعمال الصالحة لا تظهر على هذا الإنسان ، لا يظهر عليه السمت والأثر أثر العلم فُعلم هذا أن القائم بالقلب إنما هو الشجرة الخبيثة التي اجتثت من فوق الأرض ما لها من قرار ، ثم يقول ابن القيم كلاما جميلاً جداً ، يقول : ومنها أي من أسرار هذا المثل أن الشجرة لا تبقى حية إلا بمادة تسقيها وتنميها وهذا معروف في الشجر ، فإذا انقطع عنها السقي أوشك أن تيبس فهكذا شجرة الإسلام في القلب إن لم يتعاهدها صاحبها بسقيها كل وقت بالعلم النافع والعمل الصالح والعود بالتذكر على التفكر والتفكر على التذكر وإلا أوشك أن تيبس، معناها شجرة الإيمان في القلب تحتاج إلى سقيا كما تحتاج الشجرة الحقيقية إلى السقيا فإذا لم يسقها ، قال أوشك أن تيبس ، وفي مسند الإمام أحمد من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( إن الإيمان يخلق في القلب كما يخلق الثوب فجددوا إيمانكم ) يخلق يعني يبلى ، يعني كما أن الثوب لما تشترينه يكون جميلاً جديداً واضحة رسومه بهية زاهية ألوانه ثم مع كثرة اللبس ماذا يحصل له ؟ يصبح باهتاً ربما ممزقاً ، كذلك الإيمان في القلب يحتاج إلى إلى أن يُجدد دائما بالعلم والتذكر والتفكر ليبقى جديداً ويتم تجديده وبالجملة فالغرس إن لم يتعاهده صاحبه أوشك أن يهلك ومن هنا يعلم شدة حاجة العباد إلى ما أمر الله به من العبادات على تعاقب الأوقات وعظيم رحمته وتمام نعمته وإحسانه إلى عباده بأن وضعها عليهم وجعلها مادة لسقي غراس التوحيد الذي غرسه في قلوبهم – سبحان الله - فإذن هذا دليل على أهمية سقي شجرة التوحيد بماذا ؟ بسقيا العلم ، السقيا النافعة ، قال : ومنها يعني ومن الأسرار أيضا أن الغرس والزرع النافع قد أجرى الله سبحانه العادة أنه لا بد أن يخالطه دغل ونبت غريب ليس من جنسه فإن تعاهده ربه ونقاه وقلمه كمل الغرس والزرع واستوى وتم نباته وكان أوفر لثمرته وأطيب وأزكى " يعني النباتات المزارع في العادة الذي يهتم بها ماذا يفعل ؟ يزيل من حولها النباتات المؤذية التي تؤذيها وتؤثر عليها ، فيقول لك : كذلك القلب وكذلك الإيمان يحتاج الإنسان دائما أن يفتش قلبه ويتعاهده ،يقول وإن تركه يعني المزارع إذا ترك هذه الأشياء التي حول النبتة ماذا يحصل ؟ وإن تركه أوشك أن يغلب على الغرس والزرع ويكون الحكم له أو يضعف الأصل ويجعل الثمرة ذميمة ناقصة بحسب كثرته وقلته ومن لم يكن له فقه يقيس في هذا ومعرفته به فإنه يفوته ربح كثير وهو لا يشعر فالمؤمن دائم سعيه في شيئين سقي هذه الشجرة وتنقية ما حولها فبسقيها تبقى وتدوم وبتنقية ما حولها تكمل وتتم والله المستعان وعليه التكلان ، ثم يقول ابن القيم خاتماً كلامه ونختم درسنا اليوم بهذا يقول : فهذا بعض ما تضمنه هذا المثل العظيم الجليل من الأسرار والحكم ولعلها قطرة من بحر بحسب أذهاننا الواقعة وقلوبنا المخبطة وعلومنا القاصرة وأعمالنا التي توجب التوبة والاستغفار وإلا فلو طهرت منا القلوب وصفت الأذهان وزكت النفوس والأعمال وتجردت الهمم للتلقي عن الله تعالى ورسوله لشاهدنا من معاني كلام الله عز وجل وأسراره وحكمه ما تضمحل عنده العلوم وتتلاشى عنده معارف الحق وبهذا يُعرف قدر علوم الصحابة ومعارفهم رضي الله عنهم ، وإن التفاوت الذي بين علومهم وعلوم من بعدهم كالتفاوت الذي بينهم في الفضل والله أعلم حيث يجعل مواقع فضله ومن يختص برحمته .


اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علما




,rthj lu Ndhj td 'gf hgugl ,Hevi ldhm hgulg ,Hevi ,rthj



 


رد مع اقتباس
قديم 31-12-2015, 01:47 PM   #2
مُزُنْ



الصورة الرمزية مُزُنْ
مُزُنْ متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 681
 تاريخ التسجيل :  Oct 2011
 أخر زيارة : 28-03-2024 (04:13 PM)
 المشاركات : 48,581 [ + ]
 التقييم :  2147483647
 الدولهـ
Kuwait
 الجنس ~
Female
 MMS ~
MMS ~
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي رد: وقفات مع آيات في طلب العلم وأثره



لا حرمك الله الأجر
اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علما


 
 توقيع : مُزُنْ
[CENTER]


رد مع اقتباس
قديم 25-01-2016, 02:00 PM   #3
пαнεɔ



الصورة الرمزية пαнεɔ
пαнεɔ غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1579
 تاريخ التسجيل :  Aug 2014
 أخر زيارة : 28-03-2024 (03:38 PM)
 المشاركات : 51,097 [ + ]
 التقييم :  2147483647
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي رد: وقفات مع آيات في طلب العلم وأثره



جزاك الله خيرا وأثقل به موازين حسناتك وسدد خطاك


 
 توقيع : пαнεɔ
|



|


رد مع اقتباس

اضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
مياة, العمل, وأثره, وقفات

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
وقفات تدبرية مع سورة الإخلاص بدوره _ التوحيد والقرآن الكريم وتفسيره 2 29-10-2015 08:34 AM
العلم..القلم..الحلم..الظلم متفائل قطآف عآمه / مآذآ : يُحكَى سلَفآ ‘ 5 07-07-2013 03:37 AM
وقفات مع دموع المرأة غصة الوريد - النقاش والحوار / تطويرالذات ‘ 3 01-04-2013 06:16 AM
وقفات بعد رحيل رمضان ,’ مَرٿ س̭نھہ - روحآنيةة مُسلم ومِسًـلَمِة ,صَوتيآتْ إسلآمية 2 28-08-2012 06:43 AM
عشر وقفات بعد رمضان متفائل - روحآنيةة مُسلم ومِسًـلَمِة ,صَوتيآتْ إسلآمية 2 26-08-2012 02:40 AM

RSS RSS 2.0 XML MAP HTML

الساعة الآن 04:21 PM

أقسام المنتدى

. , وطن مختلف ♪ @ مَن عَرف ربهُ ، رأي كُل مافي الحياة جميلاً ♪ @ - روحآنيةة مُسلم ومِسًـلَمِة ,صَوتيآتْ إسلآمية @ ؤ. . رجل بِ كآريزمآ ♪ آنثى رقيقه ♪ @ - آلمطبخ والمآكولآت آلشهيه ‘ @ - آلعيآده آلصحيّه و مآئدة آلرشآقه ، @ - صَخب آلجوآل @ . . اِسترخاء بلون آخر ♪ @ - آلبوم آلصور _لوحآت ‘ @ منتدى العرب المسافرون @ - - ضجةة . . آلآقسآم آلتقنيه ♪ @ هنآ . . خلف الكوآليس ♪ @ ) خآرج آلآقوآس ( @ | لمن يهمه آلآمر | @ الأخبار القرارات الإدارية @ - هنآ حيثُ يسكننآ آلهدوءْ ‘ مدونتي @ - آزيآء وآنآقه ‘عطورهآ bath&body @ _ الحياة الأسرية والأجتماعية @ | نقطة وصل | @ _ الكمبيوتر والبرامج @ - آلعنآيه بآلبشره والشعر | skin care_ Hair care @ _ التوحيد والقرآن الكريم وتفسيره @ -خَلفيآت وَ رَمزيآتَ Social Media @ - آلديكور وتآثيث آلمنزلَ ‘ @ . , الاقسام العامة ♪ @ - بصمآت طُبعت لِ آلذكَرى ‘ @ قطآف عآمه / مآذآ : يُحكَى سلَفآ ‘ @ - النقاش والحوار / تطويرالذات ‘ @ - ورقَه وَمحبره ‘ @ نٌزَفُ آلَمِدُآدُ @ ٱلسًيّرة ٱلنٌبّوِيّة وِتُرٱجَم ٱلعلمٱء والحديث @ التعليم العام وآلمكَتبه وكلّ لغآت آلعآلم ‘ @ آنآقة آدم ‘ @ - عالم السيارات ‘ @ جدآئل من آلآبدآع ♪ @