فعودي أمة الله الى شرع الله , وتمسكي بكتاب الله , وسنة رسوله ﷺ , وادفعي عنك كل شك وريب , فالعمر لايحتمل المؤامرات , ولا مغامرات ...

فإياك ثم إياك والمكر , فأنت لاتمكرين إلا بنفسك , كما قال الله تعالى :

(( ويمكرون ويمكر الله والله خير المكرين )) ( الأنفال : 30 )

و

قال الله تعالى : (( ولا يحيق المكر السيىء إلا بأهله )) ( فاطر : 43 )

فاختاري حبيبتي من الآن طريقك , وصحبتك , فإن الاختيار بيديك , والمرء على دين خليله ..

فعودي أمة الله الى شرع الله , واختاري نهجك , وأسوتك ...

وتمسكي بكتاب الله عز وجل - و سنة رسوله ﷺ ..

والجنة والنار أقرب لأحدنا من شراك النعل كما قال النبي ﷺ .

فاتق الله , واعملي , واصبري , واحتسبي , فإن العاقبة للمتقين ...

قال ابن إسحاق : قال حسان رضي الله عنه في عائشة رضي الله عنها :

رأيتك - وليغفر لك الله - حرة *** من المحصنات غير ذات غوائل

حصان رزان ما تزن بريبة *** وتصبح غرثى من لحوم الغوافل

وان الذي قد قيل ليس بلائق *** بك الدهر بل قيل امرىء متماحل

فإن كنت أهجوكم كما بلغوكم *** فلا رفعت سوطي إلي أناملي

وكيف وودي ما حييت ونصرتي *** لآل رسول الله زين المحافل

و إن لهم عزا يرى الناس دونه *** قصارا وطال العز كل التطاول

عقيلة حي من لؤي بن غالب *** كرام المساعي مجدهم غير زائل

مهذبة قد طيب الله خيمها *** وطهرها من كل سوء وباطل

... لابد من وقفة ...
فقد عاشت الصديقة بعد موت رسول الله ﷺ خمسين عاما عاشتها على ضوء تسع سنوات
هي كل حياتها مع النبي ﷺ نصف هذه السنوات كانت تستكمل فيهل عائشة طفولتها ثم تمر بمرحلة شبابها التي مات عنها النبي ﷺ
وهي في أولها وتتوالى بعدها كل مراحل العمر التي أثرتها عائشة بعملها وفقهها وورعها وزهدها , حتى كانت أعلم نساء أهل الأرض ...
والسؤال الذي يطرح نفسه الآن ألم تكن عائشة امرأة ككل النساء ؟ ...
ألم تكن حبيسة قارة في بيت أبيها ثم في بيت زوجها لا يشغلها الا مايشغل النساء عادة !!! ...

نعم كانت عائشة قارة حبيسة في بيت أبيها ثم بيت زوجها الى أن ماتت رضي الله عنها ...
اذن من أين هذه البلاغة والفقه والعلم والقوة في قول الحق والدعوة اليه والتبليغ والإرشاد والزهد والصبر والعطاء ...
أليست هذه مقامات يسبقها اليها الرجال من الصحابة وغيرهم ممن يضربون في أنحاء الأرض شرقا وغربا في طلب العلم ؟ ..
نعم هذا هو المفترض ولكن أقول لك هذه هي عائشة زوجة نبي الامة محمد ﷺ ..
التي اعتبرت حياتها مع النبي ﷺ مدرسة ربانية كرست حياتها وليلها ونهارها للتعلم من أدب النبوة ...

لم تترك لحظة تمر ولا موقف يحدث الا وتسأل عنه المصطفى ﷺ لم تتعامل معه ﷺ على أنه زوج بل أخذته معلم ومربي وزوج وحبيب ورفيق
لذا كانت أحب نساءه اليه وأكثر نساءه نقلا عنه ﷺ وعت مالم تعه امرأة من نساءه فضلا عن نساء الامة كلها ...

نقلت لنا هذه الأم الفاضلة حياة النبي ﷺ سمته , خلقه , ضحكه , غضبه , زهده , ورعه , عبادته , خشوعه بين يدي ربه , بكائه في جوف الليل , عدله في رضاه وغضبه , مثاليته , وذكائه الفطري في تعامل مع زوجاته وأصحابه , احسانه في سره وعلانيته ...
نقلت لنا عاداته وعباداته وحتى طبائعه التي جبل عليها ﷺ ...
نقلت مشاهد تصويرية بل وتفصيلية عن حياته ﷺ ..
فكان حق على كل مسلم أن يترضى عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها
التي كانت ولا شك سببا في الاهتداء بهديه ﷺ والاقتداء بسنته
فمن أين لك أن تعلم سنة النبي ﷺ لولا هؤلاء الصحابة والصحابيات الكرام الذين اصطفاهم الله لحمل الدين والأمانة ونقلها للأمة فكانوا عند حسن ظن ربهم بهم ...
خير أمة أخرجت للناس جزاهم الله عنا كل خير ...
ورضي الله عنك وأرضاك أمي الغالية (( أم المؤمنين )) عائشة , جزاك الله خيرا خير خلف لخير سلف وجمعنا الله بك على حوض النبي محمد ﷺ ...
ومن علينا بصحبتك وصحبة أمهات المؤمنين وصحبة الصحابة أجمعين تحت لواء امام المتقين وسيد المرسلين محمد ﷺ ...

تصدرت نساء الصحابة أمهات المؤمنين وآل بيت النبي ﷺ وعلى رأسهم أم المؤمنين عائشة الصديقة بنت الصديق رضي الله عنها ...
عن عبدالله بن الزبير رضي الله عنهما قال :
ما رأيت امرأتين قط أجود من عائشة و أسماء وجودهما مختلف , أما عائشة فكانت تجمع الشيء حتى اذا اجتمع عندها قسمته وأما أسماء فكانت لا تمسك شيء لغد ...

اجتهاد وزهد وخوف عائشة رضي الله عنها :
عن عروة عن أبيه : (( أن عائشة رضي الله عنها كانت تسرد الصوم ))
وعن القاسم : (( أن عائشة كانت تصوم الدهر ولا تفطر الا يوم أضحى أو يوم فطر )) ...
وعن عروة قال : (( كنت اذا غدوت ببيت عائشة أسلم عليها فغدوت يوما فاذا هي تسبح وتقرأ :
(( فمن الله علينا و وقانا عذاب السموم )) (( الطور : 27 ))
وتدعو وتبكي وترددها قمت حتى مللت القيام فذهبت الى السوق لحاجتي ثم رجعت فاذا هي قائمة كما هي , تصلي وتبكي )) ...

أختي المسلمة :
من رحمة الله بعبادة أن كل من أطاعه جعل غناه في قلبه فلو لم يكن عنده لقيمات
يحسب أنه ملك الدنيا فاجعلي همك هما واحدا يجمع الله عليك شملك وسيري في طريق واحد على نهج واحد ولك هدف واحد لا يتغير ولا يتبدل الا وهو رضا الله عز وجل .
فسبحانه مالك الملك ...
كيف لك أن تلتفي عنه يمينا ويسارا ؟
سخر لك الأشياء , وخلق لك الأسباب , خلقك , وسواك , وهداك , وكفاك , والى طريق الحق هداك , فأعدي نفسك للوقوف بين يديه غدا , واجعلي عمرك رحلة طاعة الى الله عز وجل لا تتقدمي بخطوة ولا تنطقي بكلمة ولا تعملي عملا الا لله ...
راقبي الله عز وجل في سرك وعلانيتك , استحضري معنى وقوفك بين يدي الله ليل نهار ,
اجعلي ساعة موتك واحتضارك وغسلك وتكفينك ودخولك قبرك مشاهد حية في قلبك ..
اعرضيها كل حين حتى تكون عونا دائما على تقوى الله والا ستعانه في كل قول وفعل ...